كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

إمامة أبي بكر، فإذا سلم صاحب الحق فكلام الشيعة بعد ذلك فضول محض.

{فَلَمّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاّ مَنِ اِغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصّابِرِينَ} (٢٤٩) [البقرة: ٢٤٩]، استروح إلى هذه ونحوها بأن قالوا: قلتنا بالنسبة إلى الجمهور لا تدل على أننا مغلوبون في الحجة، ولا على أنهم مستأثرون بالحق، إذ كم من قليل غلب كثيرا.
وأجاب الجمهور بأن قالوا: نحن السواد الأعظم فمن شذ عنا شذ في النار.
وهذه المسائل وكل مسألة يذكر الخلاف فيها بين الجمهور والشيعة فهي من مسائل الإمامة وتوابعها، وهي من قسم أصول الدين.

{فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمّا يَشاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ} (٢٥١) [البقرة: ٢٥١] عام أريد به الخاص، أي: الملك على بني إسرائيل، وحكمة مخصوصة إذ من المعلوم أن داود-عليه السّلام-لم يؤت جنس الملك ولا جنس الحكمة، إذ ذلك ليس إلا لله-عز وجل-الذي عم ملكه وحكمته.
{وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: ٢٥١] هو عام مطرد في الناس وفي المسكون من الأرض، إذ المعنى لفسد حال أهل الأرض، وأرض لا ساكن بها لا يتأتى ذلك فيها.
{وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ} (٢٥١) [البقرة: ٢٥١] عام مطرد، إذ لا أحد من العالمين إلا ولله-عز وجل-عليه فضل. [قوله عز وجل]:

الصفحة 103