كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ (٢٥٤) [البقرة: ٢٥٤] عام مطرد، ليس هناك بيع يعقد، ولا فدية تقبل (ولا خلة) أي: ولا صداقة، إذ لا صداقة ولا غيرها تنفع يومئذ من أمر الله.
حتى إن إبراهيم خليل الرحمن لا يملك لأبيه نفعا، فيؤخذ برجليه ويديه في صورة ضبعان فيلقى في النار، ويحتمل أنه مخصوص بخلة المتقين، / [٦٣/ل] فإنها نافعة من بعضهم لبعض بالشفاعة والإيثار بالحسنات ونحو ذلك لقوله-عز وجل-: {الْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} (٦٧) [الزخرف: ٦٧] أي: فلا عداوة بينهم فهم أصدقاء وأخلاء.
{وَلا شَفاعَةٌ} يحتج بها المعتزلة في نفي الشفاعة لمن مات غير تائب، وقد سبق.
واحتجاجهم بعمومه وعند الجمهور هو خاص بالكفار لا شفاعة لهم ولا فيهم، بخلاف المؤمنين فإنهم يشفعون ويشفع فيهم.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ} (٢٥٤) [البقرة: ٢٥٤] عام مطرد، وليس المراد أن مطلق الظلم محصور فيهم بل إن أعظم الظلم وهو الكفر محصور فيهم.

{اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ} [البقرة: ٢٥٥] عام مطرد فما من إله إلا الله.
{لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} عام مطرد.
{لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٥٥] عام مطرد، وكذا الجمل الأربع بعدها عامة مطردة إلا {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (٢٥٥) [البقرة: ٢٥٥] فإنه خص بالاستثناء بعده.

{لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] عام خص بالمرتد يجبر على الإسلام ونحوه من صور الإكراه بأدلتها.
{قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: ٢٥٦] أي في الإيمان والكفر تبين الحق من الباطل والرشد من الضلال، فالحق هو الإسلام والباطل ما عداه، فهو عام مخصوص، إذ ليس الرشد

الصفحة 105