كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرّاشِدُونَ (٧) [الحجرات: ٧] ويحتمل أنه للشيطان؛ نحو: {فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} (٤٣) [الأنعام: ٤٣] ويحتمل أنه النفوس تزين لأهلها حب هذه الأشياء نحو: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ} (٣٠) [المائدة: ٣٠] والأشبه الأول؛ لأنه-عز وجل-هو خلق الشهوات بهية الزينة فكان هو المزين لها، وهذه من جنس مسائل القدر.
{زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ} [آل عمران: ١٤] أشار إلى حصر متاع الدنيا في الأشياء الستة المذكورة، لأنها معظم الشهوات كقوله صلّى الله عليه وسلّم «الحج عرفة» (١) وإلا فرب شهوة زينت لبعض الناس ليست من هذه الأشياء كالسياحة في الأرض والفرجة فيها حتى يؤثرها بعض الناس على الأشياء المذكورة.

{الصّابِرِينَ وَالصّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ} (١٧) [آل عمران: ١٧] عام، ثم يحتمل أنه مطرد بحيث لا يدخل تحت هذا المدح إلا من استغفر في جميع أسحار عمره، ويحتمل أنه عام أريد به الخاص، وهو غالب أسحار العمر، مع أن الأسحار جمع قلة، وأكثره عشرة، فمن استغفر في عشرة أسحار من عمره، دخل تحت هذا الوعد، لكن هذا يقدح في كون الأسحار لفظا عاما فيما أرى.

{شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (١٨) [آل عمران: ١٨] تضمنت ثلاثة شهود/ [٣٦ أ/م] وهم:
الله-عز وجل-، والملائكة، وأولوا العلم. على أمرين مشهود عليهما وهما: التوحيد في أولها، وصحة دين الإسلام، بل انحصار الدين الحق فيه في آخرها. [٧٥/ل].

الصفحة 122