كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً (٢) ([٨٤/ل]) [النساء: ٢].
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَاِمْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٦) [المائدة: ٦] فيهما خلاف.

{إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اِتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (٥٥) [آل عمران: ٥٥] اختلف فيه، فقيل:
مات ثلاث ساعات، وصلي عليه في السماء ثم عاش، وقيل: لم يمت إلى الآن، ولا يموت حتى يقتل الدجال ثم يموت بعد مدة، ويدفن في حجرة النبي صلّى الله عليه وسلّم وذلك بسؤاله أن يكون له نصيب من جهاد أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم فأجيب ورزق أفضل جهادها: جهاد الدجال، ومعنى الآية على هذا: إني رافعك ومتوفيك بعد الرفع بناء على أن الواو لا تقتضي الترتيب.
{وَجاعِلُ الَّذِينَ اِتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ} (٥٥) [آل عمران: ٥٥].
احتج به النصارى على طريق الإلزام على أنهم أفضل الأمم، قالوا: لأنا نحن الذين اتبعوه، وقد حكم القرآن بأننا فوق الذين كفروا به، فكل من خالفنا في مقالنا في المسيح فنحن فوقه وأفضل منه بنص القرآن.
والجواب: لا نسلم أنكم اتبعتموه بل أنتم أول من خالفه وكفر به، إذ هو يقول: أنا عبد الله ورسوله، وأنتم تقولون: إنه إله، وقد ورد القرآن بأنه تبرأ منكم، واعتذر إلى الله -عز وجل-مما قلتم، وإنما الذين اتبعوه هم المسلمون الذين اعتدلوا فيه؛ فقالوا: عبد الله ورسوله، فقذفوه، وعلى زعمكم قتلوه، يدل [هذا على] أنه جعل العلامة أن يجعل الذين اتبعوه فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، والمسلمون هم بحمد الله عز وجل الظاهرون على غيرهم إلى يوم القيامة إن شاء الله-عز وجل.

الصفحة 136