كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

الإسلام فلا، وأما الجزية فنعم، ففعلوا ذلك وصالحوه على شيء كثير من سلاح وكراع ومال وغيره؛ ثم انصرفوا، ثم بعد مدة عاد السيد فأسلم في آخرين معه، أو كما قيل، هذا ما يتعلق بالآية مع النصارى.
وأما البحث فيها مع الشيعة، فإنهم احتجوا بهذه القصة على أن أهل البيت هؤلاء الأربعة أفضل الناس بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم من الصحابة والقرابة/ [٤١/أ/م] وعلى أن عليا أفضل من أبي بكر وفاطمة أفضل من عائشة، وقرروا هذه الدعاوى من حيث الجملة بوجوه:
أحدها: أنه عليه الصلاة والسّلام-عول على هؤلاء الأربعة في أهم الأمور، وهو إثبات التوحيد على منكريه دون غيرهم، وكل من عول عليه في أهم الأمور دون غيره فهو أفضل.
الوجه الثاني: أنهم منصوص عليهم للمباهلة في القرآن من السماء، وكل من كان منصوصا عليه من السماء/ [٨٦/ل] فهو أفضل.
الوجه الثالث: أن الجهاد ضربان: روحاني وجسماني، والروحاني أفضل، ثم إن عليه الصلاة والسّلام-جعل هؤلاء القوم جنده في أفضل الجهادين، وهو الروحاني؛ فكانوا أفضل من جنده في الجهاد الجسماني، ثم كان علي أفضل أهل البيت لاجتماع الجهادين له، أما الروحاني ففي هذا المقام، وأما الجسماني فكم له فيه من مقام.
الوجه الرابع: أن نساءه في هذا المقام المشهود كانت فاطمة، ونفسه كان هو عليا، فوجب أن يكونا أفضل من عائشة وأبي بكر.
الوجه الخامس: لو كان أبو بكر وعمر وعائشة وحفصة في طبقة أهل البيت في الفضيلة، لأخرجهم معهم للمباهلة، لأن أهل الفضل إنما يدخرون لأوقات الكروب، كما أن الشجعان إنما يدخرون للحروب.
وقصة المباهلة على معنى ما ذكرناه ثابتة في صحيح مسلم، وهي بيان للآية.

الصفحة 138