كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

إما أن يكون أولى بالحكم من المنطوق وهو مفهوم الموافقة، أو لا يكون أولى به وهو مفهوم المخالفة نحو: {كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (١٥) [المطففين: ١٥] «وفي سائمة الغنم الزكاة» (١) / [٤٢ أ/م] وإلى هذه القسمة ترجع الألقاب الكثيرة نحو مفهوم الخطاب، ودليله وفحواه ولحنه وما كان من ذلك.

{ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} (٧٩)
[آل عمران: ٧٩] دليل خطابه أنه يكلم ويزكي من ليس كذلك، ممن وفى بعهده ولم يشتر بعهد الله-عز وجل-ويمينه ثمنا قليلا.
{وَلكِنْ كُونُوا رَبّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} (٧٩) [آل عمران: ٧٩]، تدل على أن من علم الكتاب وعلمه ودرس كان ربانيا، وهو مشاهد، ودل صدر الآية وهو {ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} (٧٩) [آل عمران: ٧٩]. على أنه لا أحد من البشر ينبغي أن يكون إلها حقيقيا، وهي قضية سالبة دائمة إن لم تكن ضرورية، وهي تنعكس كنفسها هكذا: لا واحد من الالهة الحقيقية ينبغي أن يكون بشرا، وهو مبطل لمذهب النصارى في اعتقادهم إلهية المسيح، والكلام معهم طويل.

{وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (٨٠)
[آل عمران: ٨٠] فيه رد على اليهود والنصارى، حيث تألهوا عزيرا والمسيح، وعلى الصابئة حيث عبدوا الملائكة والكواكب.
ومستند الرد أن هؤلاء كلهم حادثون، لما سبق في بيان حدوث العالم، [ولا شيء] من الحادث بإله، فلا شيء من هؤلاء بإله، وهو واضح.

{وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ}

الصفحة 141