كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

{رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشّاهِدِينَ} (٨١) [آل عمران: ٨١] فيها مسألتان:
إحداهما: جواز التكليف بالمعدوم بشرط وجوده، لأن الله-عز وجل-أخذ ميثاق النبيين-عليهم السّلام-على نصرة محمد صلّى الله عليه وسلّم والإيمان به في الزمن القديم وليس حينئذ موجودا، لكن بشرط وجوده في عصره.
الثانية: {قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشّاهِدِينَ} (٨١) [آل عمران: ٨١] فيه مستدل لمن اشترط في صحة الرواية إقرار الشيخ بأن يقال له: حدثكم فلان أو سمعتم، فيقول: سمعت. أو: نعم، وهو مذهب من شدد في الرواية، والصحيح أنه متى علم إقراره بالسماع ونحوه بنص منه أو قرينة جازت الرواية.

{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ} (٨٥) / [٨٩/ل]) [آل عمران: ٨٥] عام مطرد.

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ اِفْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ} (٩١) [آل عمران: ٩١] عام مطرد في عدم قبول الفدية منهم، ولحوق العذاب الأليم بهم، وعدم الناصر لهم.

{* كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} (٩٣) [آل عمران: ٩٣] عام خص بالاستثناء بعده.

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (١٠٢)
[آل عمران: ١٠٢] قيل: عام خص بقوله-عز وجل- {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اِسْتَطَعْتُمْ وَاِسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١٦) [التغابن: ١٦] وقيل: عام أريد به ذلك الخاص، وقيل: منسوخ به في البعض، وهو ما لا يستطاع، ولعلك تطلب الفرق بين العام المخصوص، والعام الذي أريد

الصفحة 142