كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

{وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ اِحْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً} (١١٢) [النساء:
١١٢] عام خص منه من دخل دار الحرب بغير أمان ولا عهد، بل مغيرا أو متلصّصا جاز أن يقتل ما شاء، ويحيل به على بعضهم؛ لأن له أذاهم مباشرة فبالتسبب أولى.

{وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ} (١١٣) [النساء:
١١٣] عام أريد به الخاص وهو الضرر في الدين؛ بدليل {وَما يُضِلُّونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ} [النساء: ١١٣] وإن حمل على أنه عام مطلق كان مخصوصا بما لحقه من أذى الكفار وضررهم كيوم أحد ونحوه. [١١٣/ل].
{وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} (١١٣) [النساء: ١١٣] إن أريد بالحكمة السّنّة دل على أنها منزلة كالكتاب، وكان / [٥٣ ب/م] هذا شاهدا، وموافقا لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه، وإن جبريل يأتيني بالسّنّة كما يأتيني بالقرآن» (١).
{وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} [النساء: ١١٣] إن جعلنا «ما» نكرة موصوفة: أي علمك شيئا لم تكن تعلمه؛ فلا عموم. وإن كانت خبرية عامة فالمراد بها خصوص ما علمه، أو كانت مخصوصة بما استبد الله-عز وجل-به مما لم يكن يعلمه، بدليل:
{فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} (١١٤) [طه: ١١٤] ولو كان قد علم كل ما لم يعلم لم يبق شيء يسأل زيادة علمه.

{* لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (١١٤) [النساء: ١١٤] عام في نفي الخير فيه، خص بالاستثناء المذكور.
{وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ} [النساء: ١١٤] عام مطرد.

قوله عز وجل: {وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً} (١١٥) [النساء: ١١٥] هذه

الصفحة 179