كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

إذن عليهم لا لهم.
أما الكلام في اللطف فموضعه غير هاهنا إن شاء الله؛ عز وجل.

قوله عز وجل: {صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضّالِّينَ} (٧) [الفاتحة: ٧] متردد بين الفريقين؛ لأن الجمهور يقولون: أنعمت عليهم بخلق الهداية فيهم.
والقدرية يقولون: أنعمت عليهم بإمدادهم بالألطاف حتى اهتدوا بأنفسهم.
والمختار أن المعنى: أنعمت عليهم برضاك فوفقتهم لهداك، بدليل مقابلة {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧] ب‍ {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧] والرضا يقابل الغضب.
قوله-عز وجل-: {وَلا الضّالِّينَ} (٧) [الفاتحة: ٧] يتمسك به القدرية على أن الكافر والعاصي هو يضل نفسه، لأنه نسب الضلال إليهم بصيغة اسم الفاعل الذي تصريفه: ضل يضل، فهو ضال.
وجواب الجمهور عنه: إنما نسب إليهم لأنهم كسبوه، أو لأنه ظهر على أدواتهم ظاهرا، وإن جبروا عليه باطنا، أو لأنهم لو فوض إليهم وتركوا واختيارهم لفعلوه.
هذا كله يتعلق بمسائل القدر.
...

الصفحة 34