كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) [البقرة: ٨] وهي نكرة موصوفة لا عموم لها؛ أي: ومن الناس قوم يقولون: آمنا. وإذ لا عموم لها فلا عموم للعائد إليها، وهو الضمير في: والله [بهم محيط].
ومنها: {يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٢٠) [البقرة: ٢٠].
قيل: هو خاص بالممكنات، مخصوص بما عداها من الواجب والممتنع.
والتقدير: إن الله على كل شيء ممكن قدير؛ إذ غير الممكن لا يدخل تحت القدرة.
ومنها: {يا أَيُّهَا النّاسُ اُعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٢١) [البقرة: ٢١].
قيل: هو عام أريد به خصوص أهل مكة.
وقيل: هو عام فيهم وفي غيرهم ممن شملته دعوة الإسلام، لكن مخصوص بمن لا تلزمه العبادة كغير المكلفين.
وقد عرض هاهنا تنبيه حسن؛ وهو أن العام قد يكون (قار) الكمية، أي: لا يلحقه زيادة ولا نقص؛ كقولنا: الوجود أو العالم ما كان منه وما يكون ممكن أو مخلوق، وقد لا يكون كذلك بأن تلحقه الزيادة والنقص؛ نحو: {يا أَيُّهَا النّاسُ اُعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٢١) [البقرة: ٢١] فإنه خطاب للمكلفين، وعام فيهم، ثم إنهم يزيدون بمن ينتقل إلى حال التكليف؛ كالصبي يبلغ والمجنون يفيق، وينقصون؛ كالعاقل يجن والحي يموت.
ومنها: {مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ٢١] هو عام في المخلوقين، هم والذين من قبلهم من الأمم.
ومنها: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٢٢) [البقرة: ٢٢] عام في الأرض خص بالبحار ونحوها مما لا يفترشه الناس.
ومنها: {وَالسَّماءَ بِناءً} [البقرة: ٢٢] أي: سقفا مبنيا فوقكم، مثل: {وَجَعَلْنَا}

الصفحة 45