كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

تحريفه: [١٦ ب/م] مصلحة كتخفيف التكليف الثقيل، وتغيير صفات النبي-عليه الصلاة والسّلام، وهل تحريفهم لذلك تحريف تبديل أو تحريف تأويل؟ فيه قولان، والأشبه أنهم جمعوا بينهما، فبدلوا بعضا وتأولوا على غير وجهه بعضا.
{فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ} (٧٦) [يس: ٧٦] عام لا تخصيص فيه لعموم تعلق العلم الأزلي.
{بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ} (٨١) [البقرة: ٨١] هو عام لم يخص؛ لأن المراد بالسيئة الكفر بدليل مقابلته بالإيمان في الآية بعدها وإحاطتها به أن يموت عليها ومن مات كافرا خلد في النار بغير تخصيص ولا مثنوية وأما {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ} (٨٢) [البقرة: ٨٢] فعام مخصوص بمن مات على ذلك، ولم يقطع عليه بالكفر طريق النجاة.

قوله-عز وجل-: {وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ} (٨٣) [البقرة: ٨٣] هو عام في الأصناف المذكورة، مخصوص بمن لم يوجد منه ما يوجب الإساءة إليه كجناية توجب حدا، أو بغي يوجب قتالا، أو بدعة توجب هجرا، ونحوه على أن هذه الأشياء من باب التأديب له لا من باب الإساءة إليه، فاللفظ إذن على عمومه.
{وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً} [البقرة: ٨٣] عام مخصوص بمن وجد منه ما يقتضي إساءة القول له، والقول فيه كالذي قبله، وهذه الآداب قد وردت في خصوص شرعنا، وإنما يحتج بها من خطاب بني إسرائيل بها هاهنا بناء على أن شرع من قبلنا شرع لنا كما سيأتي بيانه إن شاء الله عز وجل.
{ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ} [البقرة: ٨٣] عام خص بالاستثناء بعده وهو {إِلاّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ} (٨٣) [البقرة: ٨٣].

الصفحة 60