كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

{وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} عام في بلوغ الهدي محله، فلو كان مع المحرم هدي متعدد، فبلغ بعضه المحل دون بعض لم يحل ولم يجز له الحلق حتى يبلغ جميعه المحل، عملا بمقتضى عموم الاية.
{فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦]، أي فحلق فعليه فدية، وهو عام في جواز حلق المحرم رأسه للمرض والأذى، ويقاس عليه استباحة سائر محظورات الإحرام للأعذار كاللبس، وتغطية الرأس، وقصر الظفر، والتطيب ونحوه.
{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] هذا عام في كل متمتع في الحج أن يلزمه دم لما أخل به من الإحرام بالحجّ من ميقاته، وذلك بشروط التمتع.
{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦] عام في كل متمتع عدم الدم أن يصوم عنه عشرة أيام ويخص بمن عدمه ثم وجده قبل الشروع في الصوم، فإنه يرجع إليه في أظهر القولين، وفي الآخر لا يرجع، ويشرع في الصوم، لدخوله تحت عموم الآية أما إن وجد الهدي بعد الشروع في الصوم فلا يلزمه الرجوع إليه قولا واحدا، وكذا {فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦] عام [في] جواز إيقاعها في جميع أيامه ما بين الإحرام به إلى التحلل منه.
{ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} [البقرة: ١٩٦] هو عام في كل مكي أو من في حكمه من مجاور، أو من هو منها على دون مسافة القصر أن لا متعة لهم إذ لا خروج عليهم إلى ميقات الحج للإحرام منه حتى يجب الدم للإخلال به.

{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى وَاِتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ} (١٩٧) / [٥١/ل]) [البقرة: ١٩٧] عام في النهي عن هذه الأشياء، مطرد إلا في الجدال فإنه مخصوص بما إذا/ [٢٧ ب/م] كان لإقامة حجة أو كشف شبهة فإنه يستحب، وربما وجب خصوصا إن كان الجدال في بعض أحكام الإحرام والحج للعمل به معجلا، فإن هذا يبقى فرض كفاية على العلماء الحاضرين، وكثيرا ما يقع هذا هنالك.

الصفحة 87