كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

{وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ} [البقرة: ١٩٧] أي: فيجازيكم عليه، وهو عام في الأمرين علمه والجزاء عليه بدليل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٢٩) [البقرة: ٢٩]، {وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ} (٤٧) [الأنبياء: ٤٧]، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} (٧) [الزلزلة: ٧] ونحوه.
{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى} [البقرة: ١٩٧] عام مطرد إذ لا أفضل منها زادا.

{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاُذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضّالِّينَ} (١٩٨) [البقرة: ١٩٨] عام في نفي الجناح في التجارة في أيام الحج، والأفضل أن لا يفعل ليتجرد قصده للعبادة، ولا تنافي بين نفي الجناح وترك [الأفضل، ولا بين المباح وترك] المندوب.

{فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} (٢٠٠) [البقرة: ٢٠٠].
عام مطرد في نفي الخلاف نحو {مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} (٢٠)

[الشورى: ٢٠].
{*وَاُذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اِتَّقى وَاِتَّقُوا اللهَ وَاِعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (٢٠٣) [البقرة: ٢٠٣] عام في نفي الإثم في التعجل والتأخر، ولا يقتضي ذلك التسوية بينهما، فالتأخر واستكمال أيام منى الثلاث أفضل؛ لأن نفي الإثم أعم من الأفضل والمساوي فلا دلالة له عليهما، وجودا ولا عدما.

الصفحة 88