كتاب الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

المتنازع فيه إما أن يتناوله عقد النكاح أو لا، فإن تناوله وجب القول بإباحة الوطء فيه كالقبل، وإن لم يتناوله وجب أنه إذا أضاف الطلاق إليه أن لا تطلق كما لو أضافه إلى فرج جارتها، وهو باطل، ولأن تفضيل الرجل على المرأة قد ظهر في الإرث والشهادة حتى كان إرثه ضعف إرثها، وشهادته ضعف شهادتها فجاز أن يظهر ذلك في استمتاعه بها بأن يستمتع منها بجهتين، [وتستمتع هي] منه بجهة واحدة على نسبة الضعف له والنصف لها، كالشهادة والإرث.
واحتج الآخرون بالآية على تفسيرهم لها بمعنى كيف أو من أين، وبما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه سمى ذلك اللوطية الصغرى (١)، ولعن من فعلها (٢)، وبأن الله-عز وجل-سماهن حرثا والحرث إنما/ [٢٧/أ/م] يكون حيث يظهر الزرع هو هاهنا القبل الذي هو محل الولد لا الدبر الذي ليس محلا إلا لخروج النجاسة؛ ولأن الوطء فيه مؤذ، أو منجس، فكان حراما كالوطء في الحيض.
وفي المسألة من البحث أكثر من هذا اقتصرنا منه على ما ذكرنا.

{لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] عام مطرد، ولغو اليمين قيل: هو ما يجري على اللسان عن غير قصد نحو لا والله، وبلى والله، وقيل: هو أن يحلف على شيء يظن أنه بار صادق فيه، وهو في نفس الأمر على خلاف ظنه عن غير قصد منه للكذب.
{وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (٢٢٥) [البقرة: ٢٢٥] أي:
بالنيات والعزائم وهو عام مطرد.
وحديث النفس المعفو عنه لا يدخل تحت كسب القلب، حتى يخص به؛ لأن كسب القلب يراد به أمر قارّ، وهو العزيمة والنية الجازمة بخلاف حديث النفس، فإنه ليس كذلك، بل هو من باب الخطرات السيالة التي لا ثبات لها.

{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] / [٥٥/ل] عام خص منه الصبي والمجنون، ونحوهما ممن لا يصح إيلاؤه.

الصفحة 93