كتاب ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل (اسم الجزء: 1)

المعصية دون الكفر لم يكن كافرا إلا أن المراد بفسوق من ذكر فى سورة يونس إنما هو ترك الاعتبار الحامل على الإيمان إذا وفق المعتبر فالتارك لذلك خارج عن التصديق فكان كافرا فقد حصل الجواب عن السؤالات الثلاث ووضح مجئ كل على ما يناسب وإن الوارد فى سورة يونس لا يناسبه ما تقدم قبل الآية فى سورة غافر ولا الوارد فى سورة غافر يناسب ما تقدم فى سورة يونس والله أعلم.
الآية الخامسة قوله تعالى: " ألا إن لله ما فى السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون " وقال فيما بعد: "ألا إن لله من فى السماوات ومن فى الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء " ثم قال بعد: "قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغنى له ما فى السماوات وما فى الأرض إن عندكم من سلطان بهذا " هنا ثلاث سؤالات يسأل عن سقوط "ما " من قوله فى الآية الأولى: " ألا إن لله ما فى السماوات والأرض "؟ ووجه ثبوتها فى الآية الثالثة فى قوله: " له ما فى السماوات وما فى الأرض "؟ وعن ورود "من " مكان "ما " فى الآية المتوسطة فى قوله: " ألا إن لله من فى السماوات ومن فى الأرض "؟
والجواب عن السؤال الأول: أنه تقدم قبل الآية قوله تعالى: " ولو أن لكل نفس ظلمت ما فى الأرض لافتدت به " وهذه الآية مبنية عليها ومجموع الآيتين فى قوة أن لو قيل: "ولو أن لكل نفس ظلمت ما فى الأرض لافتدت به " وليس ذلك لها بل كل ذلك لله سبحانه: "ألا إن لله ما فى السماوات والأرض " فلما كانت الآية مبنية على هذه التى قبلها - والمعنى بين ذلك - وقع الاكتفاء بوقوع ما فى الأولى واجتزئ بذا عن تكرارها فى الثانية وليس الموضع موضع تأكيد فتكرر لذلك.
وأما ثبوتها فى الآية الثالثة - وهو السؤال الثانى - فوجهه أن التأكيد مقصود فى هذه الآية لأن قبلها حكاية قول الكفار: "قالوا اتخذ الله ولدا " فنزه تعالى نفسه عن مقالهم فقال: "سبحانه هو الغنى له ما فى السماوات وما فى الأرض "وإذا ورد فى القرآن ذكر مقال هؤلاء المعتدين فى ضلالهم تبعه ذكر ملكه سبحانه لكل من فى السماوات والأرض كقوله تعالى: "وقالوا اتخذ الرحمان ولدا " ثم قال: "لقد جئتم شيئا إدا " ثم ذكر سبحانه عظيم مرتكبهم فى شنيع

الصفحة 243