كتاب ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل (اسم الجزء: 1)

وهذا أكثر من أن يحصى وعكس الوارد منه ليس بالأفصح فعلى هذا التمهيد يفهم ما قدمنا فإن قوله تعالى: "وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة " مقتضاه على ما تمهد الابتداء بأول الأمرين فلا يمكن تحصيل ذلك فى الآيتين الا بالمساوقة وكونهما معا فى حالة واحدة فتدبر ذلك والله أعلم بما أراد، وأما الاختلاف فى جمع خطيئة فى السورتين فانها تجمه من حيث ثبوت تاء التأنيث فى الواحدة منها فى بالألف والتاء وتجمع أيضا مكسرة على فعائل كظعينه وظعائن وسفينه وسفائن وصحيفه وصحائف فالأصل خطاى مثل ظعائن ثم ترجع بمقتضى التصريف إلى خطايا كمطيه ومطايا فورد جمعها فى البقرة مكسرا ليناسب ما بنيت عليه آيات البقرة من تعداد النعم والالاء حسبما يتبين فى جواب السؤال لأن جموع التكسير ما عدا الاربعة أبنية التى هى: أفعل وأفعال وأفعله وفعله إنما ترد فى الغالب للكثرة فطابق الوارد فى البقرة ما قصد من تكثير الآلاء والنعم وأما الجمع بالألف والتاء فبابه القلة فى الغالب أيضا ما لم يقترن به ما يبين أن المراد به الكثرة فناسب ما ورد فى الأعراف من حيث لم تبن آيها من قصد تعدد النعم على ما بنيت عليع آى البقرة فجاء كل على ما بناسب والله أعلم.
وأما زيادة واو العطف فى قوله تعالى: "وسنزيد "
فى البقرة وهو السؤال الخامس فإنما جئ بها هنا لأن المتقدم قبل هذه الآية من لدن قوله سبحانه: "يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم " إنما هى ألاء ونعم كما تقدم عددت عليهم على التفصيل شيئا بعد شئ فناسب ذلك عطف قضية الزيادة بالواو ليجرى على ما تقدم من تعداد الآلاء وضروب الإنعام بالعفو عن الزلات والامتنان بضروب الإحسان، لهذا القصد من احراز التعداد ورد: "وسنزيد " هنا بالواو ولم يكن ليحصل ذلط لو لم ترد الواو هنا وأما آية الأعراف فلم يرد قبلها ما ورد فى سورة البقرة وأما قوله: "فبدل الذين ظلموا قولا غير الذى قيل لهم " وفى الأعراف: "فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذى قيل لهم " فوجهه والله أعلم أن لفظ الذين ظلموا لفظ عام يحتمل التخصيص، والتخصيص يكون بدليل عقلى ودليل سمعى ومن المعلوم أن الامة من الناس والطائفة الكبيرة إذا خوطبوا بأمر أو نهى لم يكونوا فى تقلبه على حد سواء وهذا معلوم ويبين هذا فى هؤلاء المقصودين بهذا الإخبار قوله تعالى: "منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون " وقوله تعالى: "من أهل الكتاب أمة قائمة " وغير ذلك.
وإذا تأملت هذه الآية فهمت منها نفسها أنها ليست على عمومها، فزادت آية الأعراف تخصيصا سمعيا بما بعطيه حرف التبعيض فى قوله تعالى: "منهم "

الصفحة 38