كتاب تاريخ الحياة العلمية في المدينة النبوية خلال القرن الثاني الهجري
384
تفضيلا لعلماء أهل المدينة الذين مضوا ولا أخذا لفتياهم فيما اتفقوا عليه مني
والحمد لله رب العالمين ولا ذريك له. وأما ما ذكرت من مقام رسول الله رلى
بالمدينة ونزول القران بها عليه بين ظهري أصحابه وما علمهم الله منه وأن
الناس صاروا به تبعا لهم فيه فكما ذكرت. وأما ما ذكرت من قول الله عز وجل
"والسابقون الأولون من اثهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي
الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أ! لدا
ذلك الفوز العظيم " [التوبة:. . أ] فإن كثيرا من أولئك السابقين الأولين خرجوا
إلى الجهاد في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله فجندوا الأجناد واجتمع إليهم الناس
فاظهروا بين ظهرانيهم كتاب الله وسنة نبيهم، ولم يكتموهم شيئا علموه، وكان
في كل جند منهم طائفة يعلمون دله كتاب الله وسنة نبيه ويجتهدون برأيهم فيما لم
يفسره لهم القرآن والسنة، ويقوموهم عليه ابو بكر وعمر وعثمان الذين
اختارهم المسلمون لأنفسهم، ولم يكن اولئك الثلاثة مضيعين لأجناد المسلمين
ولا غافلين عنهم بل كانوا يكتبون في الأمر اليسير لإقامة الدين والحذر من
الاختلاف لكتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فلم يتركوا أمرا فسره القرآن أو عمل به
النبي - صلى الله عليه وسلم - أو ائتمروا فيه بعده إلا أعلموهموه، فإذا جاء أمر عمل به أصحاب
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمصر والشام والعراق على عهد أبي بكر وعمر وعثمان ولم يزالوا
عليه حتى قبضوا لم يامروهم بغيره، فلا نراه يجوز لأجناد المسلمين أن تحدثوا
اليوم أمرا لم يعمل به سلفهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم حين ذهب
أكثر العلماء وبقى منهم من لا يشبه من مضى، مع أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -