كتاب تاريخ الحياة العلمية في المدينة النبوية خلال القرن الثاني الهجري
386
بالحلال والحرام معاذ بن جبل" (1) وقال: "ياتي معاذ يوم القيامة بين يدي العلماء
برتوة" (2) وشرحبيل بن حسنة، وأبو الدرداء، وبلال بن رباج، وكان أبو ذ ر
بمصر والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وبحمص سبعون من أهل بدر
وبأجناد المسلمين كلها، والعراق ابن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وعمران بن
الحصين، ونزلها علي بن أبي طالب سنين بمن كان معه من أصحاب رسول -حمس
فلم يجمعوا بين المغرب والعشاء قط.
ومن ذلك القضاء بشهادة الشاهد ويمين صاحب الحق، وقد عرفت أنه لم
يزل يقضى بالمدينة به ولم يقض به أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشام ولا بحمص
ولا مصر ولا العراق، ولم يكتب به إليهم الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر
وعثمان وعلي، ثم ولي عمر بن عبدالعزيز فكان كما علمت في إحياء السنن،
وقطع البدع والجد في إقامة الدين، والإصابة في الرأي، والعلم بما مضى من أمر
الناس، فكتب إليه زريق بن الحكم: إنك كنت تقضى بالمدينة بشهادة الشاهد
الواحد ويمين صاحب الحق، وكتب إليه عمر بن عبدالعزيز: إنا كنا نقضي
بذلك بالمدينة فوجدنا أهل الشام على غير دلك، فلا نقض إلا بشهادة رجلين
عدلين أو رجل وامرأتين، ولم يجمع بين المغرب والعشاء قط ليلة لمطر، والسماء
تسكب عليه في منزله الذي كان فيه بخناصره ساكنا.
__________
(1) رواه أحمد في مسنده 5 2/ 52 2 تحقيق شعيب الأرنؤوط، وقال: إسناد صحيح على شرط الشيخين.
(2) الرتوة: الخطوة. ورد بلفظ "معاذ بن جبل أمام العلماء يوم القيامة برتوة" قال الألباني في صحيح
الجامع الصغيرح 0 82 0 1: صحيح.