كتاب تاريخ الحياة العلمية في المدينة النبوية خلال القرن الثاني الهجري
387
ومن ذلك أن أهل المدينة يقضون في صدقات النساء أنها متى شاءت أ ن
تتكلم في مؤخر صداقها تكلمت فدفع إليها، وقد وافق أهل العراق أهل
المدينة على ذلك وأهل الشام وأهل مصر، وأ يقض أحد من أصحاب رسول
- صلى الله عليه وسلم - ولا من بعدهم لامرأة بصداقها المؤخر إلا أن يفردتى بينهما موت، أو طلاق
فتقوم على حقها.
ومن ذلك قولهم في الإيلاء أنه لا يكون عليه طلاق حتى يوقف وإن مرت
الأربعة أشهر، وقد حدثني نافع عن عبدالله بن عمر - وعبدالله بن عمر الذي
كان يروي عنه ذلك التوقيف بعد الأشهر- أنه كان يقول في الإيلاء الذى ذكر
الله في كتابه لا يحل للمولى إذا بلغ الأجل إلا أن يفي كما أمره الله أو يعزم
الطلاق. وأنتم تقولون: إن لبث بعد الأربعة أشهر التي سمى الله في كتابه ولم
يوقف لم يكن عليه طلاق، وقد بلغنا عن عثمان وزيد بن ثابت، وقبيصة بن
ذويب، وأبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف أنهم قالوا في الإيلاء: إذا مضت
الأربعة اشهر فهي تطليقة ثانية، وقال سعيد بن المسيب، وأبو بكر بن
عبدالرحمن بن هشام، وابن شهاب إذا مضت الأربعة أشهر فهي تطليقة وأحدة
وله الرجعة في العدة.
ومن ذلك أن زيد بن ثابت كان يقول: إذا ملك الرجل امرأته أمرها
فاختارت زوجها فهي تطليقة، هان طلقت نفسها ثلاثا فهي تطليقة، وقضى بذلك
عبدالملك بن مروان، وكان ربيعة بن أبي عبدالرحمن يقوله، وقد كاد الناس
يجتمعون على أنها إن اختارت زوجها لم يكن فيه طلاق، هان اختارت نفسها
الصفحة 387
432