كتاب تاريخ الحياة العلمية في المدينة النبوية خلال القرن الثاني الهجري
49
أ - الحياة السياسية
ظلت المدينة مقر الخلافة الإسلامية في عهد الراشدين، حتى نقلها الخليفة
الرابع على بن أبى طالب - صلى الله عليه وسلم - إلى الكوفة، وفى عهد معاوية رخمط انتقل مقر
الخلافة إلى دمشق، وقد بقى في المدينة عدد كبير من الصحابة؛ وكبار التابعين.
وكان أهل المدينة ينظرون إلى الحياة من خلال سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - الذى عاش
بينهم السنوات العشر الأخيرة من حياته، ومن خلال سيرة أبي بكر وعمر - رضي الله عنه -
حيث كانت الشورى، والقرب من الناس، وحفظ بيت المال، واختيار الأكفاء
من الخلفاء والأمراء؛ امورا سائدة ومسلما بها في عهدهم الزاهر.
ولما تغير الحال عما كان عليه استنكر أهل المدينة ذلك وعبروا عن هذا
الاستنكار بما قاموا به من حركات سياسية واقوال تحبذ الشورى وتنفر من
الظلم والجور من قبل من يمثلون الرأي في المدينة (1).
__________
(1) محمد سليمان العبده، حركة النفس الزكية، دار الأرقم، الكويت، ط/ 1، 4 0 4 1، ص 9 - 1 1، ويفسر
الكاتب ثورات أهل الحجاز على انها محاولة لإعادة الخلافة الراشدة وإزالة المظالم التي كانت قالمة،
أما عن الأقوال فقد أورد الذهبي في السير 4/ 228: "كان عند سعيد بن المسيب أمر عظيم من بنى
أمية وسوء سيرتهم، وكان لا يقبل عطاءهم ". وقال محمد النفس الزكية: "إني لم أخرج طالبا الدنيا
وزخرفها وإنما خرجت لأريح الأمة من ظلمكم وخروجكم وتعديكم"، تحفة الأولياء والأتقياء،
مخطوط جامعة اكسفورد، نقلا عن د. فاروق عمر، الرسائل المتبادلة بين المنصور والنفس الزكية،
مجلة العرب، الرياض، ج 1 سنة 5. 1390، ص 21، وكان زيد بن على ينص في بيعته للناس: "إنا
ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وجهاد الظالمين، والدفع عن المستضعفين، وإعطاء المحرومين، =