كتاب تاريخ الحياة العلمية في المدينة النبوية خلال القرن الثاني الهجري

55
وقد أدى الانحراف عن المبادى السامية في الشورى وغيرها إلى قيام أهل
المدينة بحركات في اماكن متفرقة يجمعها هدف واحد هو الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، وإن أخطا بعضها السبيل الصحيح للتغيير، وواجه
القائمون بهذه الحركات قسوة شديدة في ردها. فقتل الحسين بن علي - رضي
الله عنهما -، وقضى على حركته التي اراد بها التغيير والإصلاح.
كما قامت بالمدينة سنة 63 ثورة ضد الحكم الأموي وهى ثورة ارتجالية
متعجلة، لم يخطط لها وانتهت على يد مسلم بن عقبة المري الذي عرف منذ
ذلك الوقت ب (مسرف بن عقبة) لكثرة الدماء التي اراقها ولمعاملته القاسية
لأهل المدينة بعد هزيمتهم، وكان لهذه الثورة اثارا سيئة على المدينة فقد قتل من
المدنيين ست وثلاثمائة رجلا منهم ثلاثة من الصحابة (1). قال الإمام مالك:
"قتل يوم الحرة من حملة القران سبعمائة " (2).
وكان من الاثار السيئة لهذه المعركة أنها بثت الكراهية في قلوب المدنيين
للحكم الأموي، قال سعيد بن المسيب: "ما أصلى صلاة إلا دعوت الله
__________
= وقسم هذا الفيء بين أهله بالسواء، ورد الظالمين " الطبري، التاريخ 7/ 172.
(1) خليفة بن خياط (ت. 24)، التاريخ، مؤسسة الرسالة، ط/ 2، 1397، تحقيق د. أكرم العمري،
ص " 025 الذهبي، العبر 1/ 0 5.
(2) الذهبي، السير 3/ 5 32. وذكر أبو العرب تميم أسماء من قتل من أهل الحرة من قريش وغيرها. انظر
كتاب المحن، تحقيق د. يحص الجبوري، دار الغرب، بيروت، ط/ 1، 1403، ص 58 ا -172.
الذهبي، السير 4/ 238.

الصفحة 50