كتاب منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد ...
فقد آثرنا اختيار دراستنا عن علم الكلام - أو أصول الدين - لتوضيح آراء علماء الحديث والسنة وبيان منهجهم، ذلك لأن الدراسات الكلامية التقليدية أولت عنايتها للفرق المنشقة عن أهل القرون الأولى - كالخوارج والشيعة والقدرية والجهمية - كما تعمقت وتوسعت في عرض المذهبين الكبيرين: الاعتزالي والأشعري، ولم تلتفت للنتاج العقلي للمحدثين والفقهاء بالقدر الكافي الذي يسمح بإبراز مواقفهم من أصول الدين ومنهجهم في النقاش والرد على مخالفيهم، مع العلم بأنهم كانوا يستندون إلى أدلة عقلية وبراهين منطقية قائمة على تفسير الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والاسترشاد أيضًا بفهم الأوائل الذين كانوا أكثر علمًا ودراية بأسرار اللغة العربية وأسباب النزول ودقائق العقائد المتصلة بأصول الدين.
وفي ضوء هذه الحقيقة، نرى أن طريقة أهل الحديث والسنة تحتاج إلى نظرة إنصاف وتقدير حيث شاعت الفكرة التي تصفهم بأنهم (نصيين) وليسوا (عقليين) ، فضلاً عن أوصاف أخرى تشاع عنهم خطأ كوصفهم بالجمود وما إلى ذلك من صفات شوهت صورهم في أذهان الخاصة والعامة.
وكثيرًا ما تروج - مع الأسف - أفكار وتسود أراء مع مجافاتها للحقيقة ومجانبتها الصحة وذلك بسبب ترديدها المتواصل. وساعد على ذلك عوامل ثقافية وتاريخية ومذهبية وسياسية، كلها أدت إلى ترقي الفكرة الشائعة إلى مرتبة تكاد تصل إلى اليقين في دوائر البحث العلمي، سواء على مستوى الجامعات والكليات المتخصصة، أو المهتمين بالدراسات الإسلامية من العلماء والباحثين والمؤرخين وغيرهم، إلا فيما ندر.
وقد آن الأوان لإعطاء علماء الحديث والسنة حقهم، لا أقول من التقدير

الصفحة 3