كتاب تسلية أهل المصائب

ملك في السماء، وتغلق أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن لا يعرج بروحه من قبلهم، فإذا عرج بروحه قالوا: رب، فلان عبدك، قال: أرجعوه، فإني عهدت إليهم، أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، فإنه ليسمع خق نعال أصحابه، إذا ولوا عنه، قال: فيأتيه آت، فيقول: ما دينك؟ فيقول: لا أدري! فيقال: لا دريت ولا تليت، فيأتيه آت قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بهوان من الله وعذاب مقيم، فيقول: وأنت بشرك الله بالشر، من أنت؟ فيقول: أنا عملك الخبيث، كنت بطيئاً عن طاعة الله، سريعاً في معصية الله، فجزاك الله شراً، ثم يقيض له أعمى أصم أبكم، في يده مرزبة، لو ضرب بها جبل كان تراباً، فيضربه ضربة فيصير تراباً، ثم يعيده الله كما كان، فيضربه ضربة أخرى، فيصيح صيحة، يسمعه كل شيء إلا الثقلين، قال البراء: ثم يفتح له باب من النار، ويمهد له له من فرش النار» .
ورواه الإمام أحمد.
وروى أحمد، والحافظ ابن منده، بإسناد حسن، «من حديث البراء أيضاً، بأتم ما تقدم من حديث أبي هريرة والبراء، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، فانتهينا إلى القبر، فجلس فجلسنا، كأن على أكتافنا فلق الصخر، وعلى رؤوسنا الطير، فأرم قليلاً ـ والإرمام السكوت ـ فلما رفع رأسه قال: إن المؤمن، إذا كان في قبل من الآخرة، ودبر من الدنيا، وحضره ملك الموت، فجلس عند رأسه، ونزلت عليه ملائكة معهم كفن من الجنة، وحنوط من الجنة، فجلسوا منه مد الصبر، ثم يقول ـ يعني ملك الموت ـ: اخرجي أيتها النفس الطيبة ـ وفي رواية أيتها النفس المطمئنة ـ إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج نفسه، كما تسيل القطرة من في السقاء، فإذا خرجت نفسه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض إلا الثقلين، فيأخذها وفي رواية، فإذا أخذها ـ يعني ملك الموت ـ لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، قال: فيصعدون بها إلى السماء، فيفتح له السماء، ويشيعه مقربوها إلى السماء الثانية، وفي لفظ: فلا يمرون منها على ملأ من

الصفحة 200