كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 4)

فالذى حصل منه وجود جميع الموجودات أولى بأن يكون كاملا وكبيرا
الحفيظ: الحافظ جدا. والحفظ على وجهين:
أحدهما إدامة وجود الموجودات وإبقاؤها، يضاده الإعدام. والله تعالى هو الحافظ للسموات والأرض والملائكة، والموجودات التى يطول أمد بقائها، والتى لا يطول أمد بقائها مثل الحيوان والنبات.
والوجه الثانى، وهو أظهر معنى الحفظ. صيانة المتعاديات والمتضادات بعضها عن بعض. والتعادى والتضاد ظاهر بين الحرارة والبرودة، وكذا بين الرطوبة واليبوسة، وسائر الأجسام الأرضية المركبة من هذه الأصول المتعادية، إذ لابد للحيوان من حرارة غريزية لو بطلت لبطلت حياته، ولابد له من رطوبة تكون غذاء لبدنه، ولابد له من برودة تكسر سورة الحرارة حتى تعتدل ولا يحترق. وهذه متعاديات متضادات وقد جمع الله بينها فى إهاب الإنسان وبدن الحيوان والنبات وسائر المركبات، ولولا حفظه إياها لتنافرت وتباعدت وبطل امتزاجها وأضمحل تركيبها وبطل المعنى الذى صار مستعدا لقبوله بالتركيب والمزاج، وحفظ الله إياها بتعديل قواها مرة وبإمداد المغلوب منها.
أما التعديل فهو أن يكون مبلغ قوة البارد مثل مبلغ قوة الحار، فإذا اجتمعا لم يغلب أحدهما الآخر بل يتدافعان، إذ ليس أحدهما بأن يَغلب أولى من أن يُغلب، فيتقاومان ويبقى قوام المركب بتقاومهما وتعادلهما وهو الذى يعبر عنه باعتدال المزاج.
والثانى إمداد المطلوب منهما بما يعيد قوته حتى يقاوم النار.
المقيت: خالق الأقوات وموصلها إلى الأبدان، وهى الأطعمة، وإلى القلوب وهى المعرفة، فيكون بمعنى الرازق إلا أنه أخص منه، إذ الرزق يتناول القوت وغير القوت. والقوت ما يكتفى به فى قوام البدن. أو المستولى على الشئ القادر عليه. والاستيلاء يتم بالقدرة والعلم، ويدل عليه قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} أى مطلعا قادرا، فيكون معناه راجعا إلى القدرة والعلم. ويكون

الصفحة 1074