بهذا المعنى وصفه بالمقيت أتم من صفته بالقادر وحده وبالعالم وحده، لأنه دل على اجتماع المعنيين، وبذلك يخرج الاسم عن الترادف.
الحسيب: الكافى. وهو الذى من كان له كان حسبه. والله تعالى حسيب كل أحد وكافيه. وهذا وصف لا تتصور حقيقته لغيره، فإن الكفاية إنما يحتاج إليها المكفى لوجوده ولدوام وجوده ولكمال وجوده. وليس فى الوجود شئ هو وحده كاف لشئ إلا الله تعالى، فإنه كاف لكل شئ لا لبعض الأشياء، أى هو وحده كاف يتحصل به وجود الأشياء ويدوم به وجودها ويكمل. فالكفاية إنما حصلت بهذه الأسباب، والله وحده هو المتفرد بخلقها لأجله. فهو وحده حسب كل أحد وليس فى الوجود شئ وحده هو حسب شئ سواه، بل الأشياء يتعلق بعضها ببعض وكلها يتعلق بقدرة الله تعالى.
الجليل: الموصوف بنعوت الجلال. ونعوت الجلال هى الغنى والملك والتقدس والعلم والقدرة وغيرها من الصفات التى تقدمت. فالجامع لجميعها هو الجليل المطلق الموصوف ببعضها جلالته بقدر ما نال من هذه النعوت. فالجليل المطلق هو الله تعالى فقط. فالكبير يرجع إلى كمال الذات. والجليل يرجع إلى كمال الصفات. والعظيم يرجع إلى كمال الذات والصفات جميعا منسوبا إلى إدراك البصيرة إذا كان بحيث يستغرق البصيرة ولا تستغرقه البصيرة، ثم صفات الجلالة إذا نسيت إلى البصيرة المدركة لها سميت جمالا وسمى المتصف بها جميلا. واسم الجميل فى الأصل وضع للصورة الظاهرة المدركة بالبصر مهما كانت، بحيث تلائم البصر وتوافقه، ثم نقل إلى الصورة الباطنة التى تدرك بالبصائر، حتى يقال سيرة حسنة جميلة، ويقال خلق جميل، وذلك يدرك بالبصائر لا بالأبصار، فالصورة الباطنة إذا كانت كاملة متناسبة جامعة جميع كمالاتها اللائقة بها كما ينبغى وعلى ما ينبغى فهى جميلة بالإضافة إلى البصيرة الباطنة المدركة لها، وملائمة لها ملاءمة يدرك صاحبها عند مطالعتها من اللذة والبهجة والاهتزاز أكثر مما يدركه الناظر بالبصر الظاهر إلى الصور الجميلة. فالجميل الحق المطلق هو الله