معرفة حقيقة البعث، فالموت ليس عدماً إذ القبر ليس إلا حفرة من حفر النيران أو روضة من رياض الجنان، والموتى إما سعداء، وأولئك ليسوا أمواتاً، وإما أشقياء، وهم أيضاً أحياء، ولذلك ناداهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد وقعة بدر.
والبعث ليس إيجاداً مبتدأ مثل الإيجاد الأول، بل هو إنشاء آخر لا يناسب الإنشاء الأول أصلاً.
الشهيد: يرجع معناه إلى العليم مع خصوص إضافة، فإنه تعالى عالم الغيب والشهادة. والغيب عبارة عما بطن والشهادة عما ظهر، وهو الذى يشاهد، فإذا اعتبر العلم مطلقاً فهو العليم، وإذا أضيف إلى الغيب والأمور الباطنة فهو الخبير، وإذا أضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشهيد.
وقد يعتبر مع هذا أن يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم وشاهد منهم.
الحق: هو فى مقابلة الباطل، والأشياء قد تستبان بأضدادها، وكل ما يخبر عنه فإما باطل مطلقاً وإما حق مطلق، وإما حق من وجه وباطل من وجه. فالممتنع بذاته هو الباطل مطلقاً، والواجب بذاته هو الحق مطلقاً، والممكن بذاته الواجب بغيره هو حق من وجه وباطل من وجه، فهو من حيث ذاته لا وجود له فهو باطل. وهو من جهة غيره مستفيد للوجود، فهو من الوجه الذى يلى مفيد الوجود موجود، فهو من ذلك الوجه حق ومن جهة نفسه باطل، ولذلك كل شئ هالك إلا وجهه. وهو كذلك أزلا وأبدا ليس فى حال دون حال لأن كل شئ سواه أزلا وأبداً من حيث ذاته لا يستحق الوجود، ومن جهته يستحق، فهو باطل بذاته حق بغيره. فالحق المطلق هو الموجود الحقيقى بذاته الذى منه يأخذ كل حق حقيقته. وقد يقال أيضاً للمعقول الذى صادف به العقل الموجود حتى طابقه إنه حق، فهو من حيث ذاته يسمى موجوداً، ومن حيث إضافته للعقل الذى أدركه على ما هو عليه يسمى حقاً. فأحق الموجودات بأن يكون حقاً هو الله تعالى، وأحق المعارف بأن يكون حقاً هو معرفة الله تعالى، فإنه حق فى نفسه، أى مطابق للمعلوم أزلا وأبداً، ومطابقته لذاته لا لغيره، لا كالعلم بوجود غيره. فإنه لا