العلق، الآيات 3 - 5)؛ والفاتحة القرآنية العظيمة "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" (انظر ترجمة R. Blacher (تفتتح بها الدعوة وتتكرر على رأس كل سورة، وربما كانت تتضمن إشارة إلى الرحمن قبل الإسلام فى جنوبى الجزيرة العربية، وأن الرحمن يجب أن يؤخذ على اعتبار أنه اسم علم مقدس. وتبقى الحقيقة التى مفادها أن أصل الكلمة "ر ح م" أصبح يدل - على مر القرون الإسلامية - على مفهوم "الإحسان والرأفة والرحمة على وجه الدقة، وأن التعبير "رحمة الله أصبح عند الكتّاب الروحانيين أقرب ما يكون إلى التوسل بالأسرار الإلهية فى صلاتها بالإنسان. ومن هنا كانت دعوة محمد - صلى الله عليه وسلم - منذ البداية - تأكيداً بأن الله هو المنعم الخالق الكريم يهدى الناس على لسان رسول يرى على نحو خاص أنه الرب.
(أ) المسائل الكبرى
سنتقبل -من الناحية التاريخية- الفروق المسلم عموماً بوجودها بين الفترات الملكية الثلاث والفترة المدينية (مع بعض اختلافات فى التفصيلات؛ انظر نولدكه وكرمه وبلاشير) وهى فروق تتفق إجمالاً مع بعض الأخبار الإسلامية.
والعقيدة الإسلامية قد اعتبرت نص القرآن دائماً أنه كلمة الله يبينها للإنسان، ويقول الله فيها ما يريد هو أن يقوله عن نفسه: فالله هو {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (سورة الرحمن، الآيات 1، 2، 3، 4) خاطب بالقرآن المتقين {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ. . . .} (سورة البقرة، الآيتان 2، 3). ويظل الله غيباً لا يدركَ (سورة الشورى، الآيتان 51، 52)؛ ويتجلى فى كماله السامى وفى تصريفه لهذا العالم. وأفعاله تعالى تأكيد لسره الذى لا تدركه الأفهام: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ... } (سورة الأنعام، الآية 103).
وليس من السهل أن نستخلص الموضوعات الخاصة بالله دون أن نتعرض لخطر إفساد النسق نفسه الذى عليه السور والآيات، وأبعد من ذلك يسراً أن نصنفها. ويبدو أن السائد منها