ثلاثة، وإن كان من الواجب أن نتناولها فى جملتها:
1 - إله الخلق، والحساب، والعقاب: هو خالق كل شئ (سورة الرعد، الآية 16) وهو البديع، يخلق ما يشاء (سورة الشورى، الآية 49؛ سورة المائدة، الآية 17)، وإنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون (سورة يس، الآية 82؛ سورة هود، الآية 107)، وهو مصدر الخير جميعاً وأحكم الحاكمين (سورة التين، الآية 8).
وتبين أقدم السور ربوبيته على خلقه -وخاصة على بنى الإنسان- كما تبين صفتيه الحكم والملك المطلقين. وتتلقى العقول والقلوب الصدمة الأخيرة بخبر يوم الدين (انظر سورة التحريم كلها)، واقتراب الساعة (سورة النجم، الآيتان 56، 57؛ سورة القمر، الآيات رقم 1 وما بعدها) التى لا يعلمها إلا الله (سورة النازعات، الآيات من 42 - 44؛ سورة الزخرف، الآية 85). وقد تختلف طريقة هذا الوعظ، ولكنها لا تختلف من حيث جوهر مضمونها أبداً ذلك أن اختلاف الموضوعات لا يتصل بالله فى ذاته بمقدار ما يتصل بين الله وجماعة المؤمنين وهى تقوم على ما يواجههم من عقبات وما يبتلون به من طوائف متعاقبة، ومن ثم على سبيل المثال الطائفتان المختلفتان: وهم المصطفون ومن حق عليهم العذاب (انظر سورة البروج) فى نهاية الفترة المكية الأولى، وفكرة "المنافقين" (وهى الفكرة الغالبة فى الفترة المدينية) الذين يستهزيء الله بهم (سورة البقرة، الآية 15). والسور المكية فى الفترتين الأوليين تؤكد النذير بقيام يوم الدين، ويتجلى الله فيها أساساً الحكم الذى لا مُعقب لكلمته قد أوتى الحكم لأنه الخالق الذى لا تملك حياله نفس لنفس شيئاً (سورة الانفطار الآيات من 17 - 19، وهى تلى منطقياً الآيات من 6 - 8 إلخ). ويستأنف موضوع الجزاء مرة ثانية فى السور المدنية (سورة الأحزاب الآية 64؛ سورة النور الآيتان 24، 25 إلخ). وتبدو على المشهد هنا وهناك تغيرات لا شك فيها. ونجد فى مكة دعوة