كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 4)

بالإنسان. والصفة الخاصة بربوبيته، التى أصبحت محور الإسلام.
وتحتوى سورة الطور (الآيتان 39، 43) على لوم المكيين الذين جروا على أن يجعلوا لله شركاء وبنات، فالله واحد سبحانه: {إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ} (سورة الصافات، الآية 4) مخاطباً بذلك المؤمنين. وتؤكد هذه الفكرة فى ثنايا الكتاب كله وتتكرر باستمرار فى العصر المدينى (مثال ذلك سورة البقرة، الآية 163) , وهى جوهر الدعوة إلى الله، فقد كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يردد دائماً: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} [سورة فصلت: 6 ... إلخ].
على أنه ورد فى آية من الفترة المكية الأولى توكيد ربما كان أقوى مما تقدم بأن الله واحد فى ذاته، ففى علاقته بالإنسان واحد أحد، (سورة الإخلاص، الآية 1). وواحد وأحد، اسمان يردان معاً فى التوحيد وسموه المطلق. وهذا هو معنى الشهادة فى الإسلام. ومنذ زمن متقدم يرجع إلى سورة المزمِّل -التى كانت السبب على ما تقوله الأخبار فى إسلام عمر- ظهر التوكيد "لا إله إلا هو" (سورة المزمل، الآية 9). وتعلن الفترة المكية الثانية: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا} (سورة طه، الآية 14) وأن سر هذه "الأنا" هو الحق (سورة طه، الآية 114؛ سورة الكهف، الآية 44). وأخيرا فإن السورة القصيرة (الإخلاص) المشار إليها بسورة التوحيد بمعناه الأمثل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} هى تأكيد لوحدة طبيعته المقدسة على هذا النحو وأن سر ذاته لا يدرك كنهه (سورة "المؤمنون"، الآية 91).
3 - الله قادر على كل شئ ورحيم
وهذا الوجه المزدوج لسر الله فى علاقته بخلقه: وهو كونه رب العالمين (سورة التكوير، الآية 29) فى قدرته التى لا نزاع فيها على كل شئ وإحسانه الذى يتسم بالمغفرة، يتردد فى جميع الفترات التى نزل فيها القرآن

الصفحة 1093