كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 4)

الرائعين لهذا الخلق، على أنه يجب عليه أن يفطن إلى أنه ما من شئ فى هذا النظام وذلك الترتيب إلا ويفنى ويزول. وكما حدث للنبى إبراهيم (عليه السلام) فإن عقل الإنسان، بهدى من الله، لا مناص من أن يستخلص من الأشياء التى تفنى وتتغير الدليل الدامغ للوجود الواجب والسامى للخالق. لذلك كان التفكر فى آيات الكون واجباً دينياً فرضه الله على عقول الناس (سورة البقرة، الآيتان 118, 164؛ سورة آل عمران الآية 191؛ سورة الأنعام الآية 98؛ سورة الرعد، الآيتان 2، 3؛ سورة النور، الآيات 44 - 55. . . إلخ). ويعلّم القرآن الكريم أيضاً أنه لا يبقى إلا الله؛ { ... كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ... } (سورة القصص، الآية 88؛ سورة الزمر، الآية 68؛ سورة الرحمن، الآيتان 26، 27. . . إلخ). وعندما تحل الساعة يهلك الله الخالق، ومن ثم المحيى والمميت، كل شئ ثم يعيد خلقه يوم الحشر. (سورة ق، الآيات 42 - 44؛ سورة الحشر، الآية 2).
وقد صور نظام الكون الحالى وترتيبه الرائع تصويراً بحيث يدعو المرء إلى أن يخر ساجداً لقدرة الله الذى يحيى ويميت (سورة السجدة، الآية 15؛ سورة فصّلت، الآية 37). وآيات كمال الله التى تجعل علوّه يتجلى فى نظام العالم هذا هى نفسها التى يكشف عنها الله، وهى فى جوهرها الأسماء التى يجعلها لنفسه {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (سورة الأعراف، الآية 180؛ سورة الإسراء الآية 110؛ سورة طه، الآية 8). ولقد استخرج المتدينون المسلمون -فى عناية- هذه الأسماء من نص القرآن الكريم وأكملوها من الحديث وهى 99 أسماً ولم يكفوا قط عن تذكرها والتفكر فيها. ونحن لا نرغب فى هذا المقام أن نحلل الأسماء الحسنى تحليلاً ضافياً (انظر المسرد الكامل لهذه الأسماء فيما ذكر آنفاً تحت عنوان "الأسماء الحسنى" من هذه المادة) على أننا نستطيع أن نقول أن ما سنذكره بعد هو المباحث الرئيسية التى تنبثق من هذه الأسماء (سنقصر همنا هنا على إشارة

الصفحة 1095