كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 4)

وكثيراً ما يبدأ النص أيضاً بمثل رمزية تؤكد وتثبت بما يحمله أسلوبها الرمزى فى التعبير من صدق واقعى.
مثال واحد: تحيط قدرته السامية بأصغر فعل يأتيه أصغر ما خلق من أشياء وعبارة القرآن الكريم فى ذلك هى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59]. ويرد فيه أيضاً: {. . وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ. .} [فاطر: 11]. وهكذا يهيأ العقل تهيئة قوية للتعرف على الوجود الكامل لله فى كل عمل بشرى وكل ما يصدر عن القلب البشرى، لأنه خلق كل عمل مهما كان (سورة الصافات، الآية 96) ولأنه على نحو خاص قريب من الإنسان الذى خلقه (سورة سبأ الآية 50)، يعلم ما فى الصدور، وهو أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد (سورة ق، الآية 16).
(جـ) طائفتان من الآيات
هناك ملاحظات حول طائفتين من الآيات أثارت على مر القرون خلافات عدة:
1 - العقاب وقضاء الله: قدرة الله على كل شئ تتجلى فيما يريده للعالم، وتتأكد فى "القدرة"؛ والإنسان، مثل جميع المخلوقات، ينتمى إليه تعالى. ولكن فى نفس الوقت تتأكد قدرته على كل شئ قدرة أعدل الحاكمين، والمجازى المنصف، وعلى الإنسان أن يعرف أن كل امرئ سيحمل وزر أفعاله من ثواب على حسناته وعقاب على سيئاته (سورة البقرة، الآية 286).
وما أكثر ما قيل وقرر للبادرة الأولى أن القرآن الكريم يحتوى على مجموعة من الآيات "المتناقضة"، والحقيقة أنه ليس هناك تناقض على الإطلاق، وإنما الموجود هو توكيدات متقابلة متكاملة الغرض منها هداية القلوب إلى الموقف المطلوب الذى يتخذه الإنسان من الله.
والقدرة الإلهية على كل شئ هى فى الحق قدرة واحدة، فالله لا يُحَاسب على ما يفعل" كما جاء فى الخبر الإسلامى، على أننا يجب فى هذا المقام أن نلزم الحذر فيما يتعلق بأسلوب

الصفحة 1097