سورة المائدة، الآية 54؛ سورة الحديد، الآية 21؛ سورة الجمعة، الآية 4) وهو الذى يعز من يشاء ويذل من يشاء (سورة آل عمران، الآية 26). ثم يجئ فى القرآن مع التوكيد الشديد { .. فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ .. } (سورة إبراهيم الآية 4؛ سورة النحل، الآية 93؛ سورة فاطر، الآية 8؛ سورة الأنعام، الآيتان 39، 125)، ومن يضله الله لا يجد من دونه ولياً ولا مرشداً (سورة الإسراء، الآية 97؛ سورة الكهف، الآية 17؛ سورة الزمر، الآيتان 23، 37 سورة الأعراف، الآية 186، سورة الرعد، الآية 33). وترد فى القرآن الكريم مرتين هذه الصورة ذات التركيب السامى القريبة كل القرب من سفر أشياء، الآيتان 9، 10 (¬1): {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا} [الكهف: 57]
و{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23]
وأول هذين النصين (سورة الكهف، الآية 57) يبرز إبرازاً بيناً الفعل الإلهى الذى يختم على السمع والقلب، وخطأ من تولى عن آيات الله، أما الثانى (سورة الجاثية، الآية 23) فإنه يختتم بدعوات إلى الإصلاح، وتقرر الآية 19 من هذه السورة أن الظالمين بعضهم لبعض.
ومسئولية الإنسان وقدره الله على كل شئ وقضاؤه المحتومان، هذان المنحيان من مناحى التفكير يلتقيان فى التوكيد النهائى على الحساب. وهذا الأسلوب فى تناول الغيب هو الذى تجلى للتفكير الإسلامى فى العصور المتأخرة فى أقوى صورة.
2 - الآيات التى فيها تشبيه بالإنسان: والطائفة الأخرى من الآيات
¬__________
(¬1) سبق أن رددنا على مثل هذه الأقوال فى غير موضوع من هذه الدائرة وحسبنا أن نقول أن القرآن مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل.