كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 4)

ثم دعم علم الكلام نفسه بعلمين دينيين آخرين:
1) علم الحديث الذى زوده بنصوص أخذت مأخذ البراهين القاطعة وهى تتناول موضوعاً أو آخر من الدعوة التى جاء بها القرآن تناولاً رائعاً أو قل إنه قصصى (انظر كتب الصحاح الستة وخاصة كتاب التوحيد من صحيح البخارى). وتتحدث عدة أحاديث من ناحية عن رحمة الله ومغفرته: "إن رحمتى تغلب غضبى" أو "إن رحمتى سبقت غضبى" (البخارى، التوحيد 169، 175)، ومن الناحية الأخرى عن ملكية الله المطلقة: "أنا الملك أين ملوك الأرض" (المصدر السابق، 167، 181)، وتذكر من ناحية مسئولية الإنسان (نصوص فى البخارى أو مسلم: كتاب القدر) ومن ناحية أخرى يتحدث عن القدر (مثال ذلك الحديثان اللذان يذكران كثيراً وهما: "إن قلوب الناس بين إصبعين من أصابع الرحمن" و"خلقت هؤلاء للجنة ولا أبالى وهؤلاء للنار ولا أبالى"، وثمة أحاديث كثيرة لها أثر كبير فى تكوين الأفكار الشائعة والنظرة العامة إلى الله.
2) وعلم التفسير كان له شأن رئيسى فى استعمال الآيات القرآنية التى تتكلم عن الله.
وقد أفادت مدارس الكلام بطرق مختلفة من الحديث والتفسير.
وإذا أشرنا إلى مشاكل الكلام (وهى فى أساسها من أصل معتزلى) نجد مبدأين يتعلقان بالله مباشرة: (1) مبدأ التوحيد؛ (2) مبدأ العدل، أى عدل الله فى مجازاته الإنسان على أفعاله. وقد خالف المعتزلة أحرار الفكر فى زمانهم فظهروا بمظهر "أهل التوحيد والعدل". واستمرت هذه المشكلات تؤثر فى المدارس المتأخرة، ولم تختلف عنها إلا فى عناوينها.
وقد أطلقت الرسائل المأثورة العظيمة للأشاعرة والماتريدية (مثل شرح المواقف للجرجانى، والمقاصد للتفتازانى وغيرهما) على المبدأ الأول "وجود الله وصفاته"، وعلى المبدأ الثانى

الصفحة 1103