كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 4)

"أفعاله تعالى". وإليك أهم المسائل التى تثار حول الاثنين:
(أ) التوحيد
1 - وجود الله
تتفق كل المدارس فى الاستشهاد بالآيات (انظر ما سبق) التى تهيب بالعقل أن يتفكر فى آيات الكون ويرقى من ذلك إلى إثبات وجود الخالق؛ ولكن: (أ) يقول المعتزلة إن ذلك يقتضى التزاماً فطرياً فى طبيعة العقل سابقاً لسنَّ الشريعة. (ب) ويقول الماتريدية إن العقل كان خليقاً بكفايته أن يتوصل إلى معرفة الله، ولكنه توصل إليها فعلاً بسن الشريعة. (جـ) أما الأشاعرة فعندهم أن استخدام العقل والتدليل العقلى فى التوصل إلى معرفة الله هو التزام شرعى (منزل) بحت (انظر
الجرجانى: شرح المواقف، القاهرة سنة 1325 هـ = 1907 م جـ 1، ص 251 وما بعدها). وبعبارة أخرى: أنه لو لم تفرض الشريعة هذا الالتزام لما كان فى مقدور العقل البشرى قط أن يتوصل إلى وجود الله (الغزالى: الاقتصاد، القاهرة، طبعة غير مؤرخة، ص 77 - 78) ومن ثم فإن تأكيد وجود الله عند الأشاعرة عامة هو ثمرة استدلال عقلى يمليه استدلال شرعى.
وعلى آية حال كانت طبيعة هذا الالتزام فإن المدارس تجمع على رأى واحد فى الاستدلال العقلى نفسه. وهذا يتضمن برهاناً على وجود الله -بدء الخلق- يتصل وطبيعة العالم المحدث الفانى، كما يخبر القرآن الكريم، ويمكن للعقل أن يقتنع به. أما فى علم الكلام فالبداية والنهاية الزمنيتان هما حقيقتان ثابتتان. وثمة إذن استدلال ينبثق، دون عبارة وسط مجمع عليها، من القصور المطلق للمخلوق إلى الوجود الواجب للخالق، الذى يوجد وحده منذ الأزل وقائم بنفسه وحده (حقائق علمت من القرآن الكريم، وعقليات). وهذا الاستدلال فى الأيام الأولى لعلم الكلام (المعتزلة والأشاعرة) وضع فى عبارتين على أنه جزء من المحاجّة. وقد أخذ فى الغالب عند المتكلمين المتأخرين الذين تأثروا بمنطق أرسطو، شكلاً من أشكال الاستنتاج القياسى (كلا الشكلين فى الجوينى). ويساق البرهان فى جميع الرسائل على أنه برهان قاطع. ونادراً

الصفحة 1104