كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 4)

ما يأخذ -متأثراً بمؤثرات ناشئة من الفلسفة- شكل البرهان بالوجود منذ أن كان الوجود بالمعنى الدقيق؛ فالعالم محدث، وهذه العبارة فى مقالات علم الكلام تبقى قريبة جداً من معناها الاشتقاقى عن البدء الزمنى (انظر كتب فنسنك، وس. بوركاى - S. de Beaure cueil. المذكورة فى الفهرست، عن البراهين على وجود الله).
2 - صفات الله
(أ) العلاقات بين الذات والصفات:
وتعد هذه من أشد مباحث الجدل. وقد التزم بعض أهل الحديث القدامى بحرفية النصوص وتصدوا لكل بحث يمكن أن يسمى عقلياً، وسماهم معارضوهم -الذين هوّلوا من جمود من كانوا يهاجمون- بالمجسمة، كما سموهم بالحشوية، تحقيراً. ورموهم بالتشبيه مشبهين الله بالمخلوقين.
وعلى العكس من هذا مسجد المعتزلة -حرصاً منهم على تنزيه فكرة التوحيد- التنزيه الذى طبقوه تطبيقاً صارماً. فعلى الإنسان أن ينكر، كما يأمر القرآن الكريم، أن الله يشبه أى مخلوق. والجهمية - تلامذة جهم بن صفوان - أنكروا فعلاً وجود الصفات، والله يعرف بقدرته الخفية على كل شئ فحسب.
ونجد من ناحية أخرى التنزيه عند المعتزلة، قد أخذ بالنظرة التى تؤمن بإله مهيمن، وسلموا بالصفات القدسية، عن العلم، والقدرة، والكلام ... إلخ. غير أنهم زعموا أنها هى هى الذات، وهذا بالنسبة لهم كان لا يكاد يزيد عن كونه خلافاً لفظياً.
وكذلك قالت مدارس أهل السنّة بالتنزيه، فهم ينكرون أن يكون لله شبيه ما، فهو لا جسم ولا جوهر (بمعنى أن الجسم محدود) ولا هو عرض، ولا هو يحتويه مكان ... إلخ (ومما تجب ملاحظته أن الكرّامية قد عرفوا الله بأنه جوهر، وكان مفهومهم بهذا أنه قائم بذاته). والتعديل الذى أدخله الأشاعرة -الذى يطلق عليه اسم الحل السعيد - قد نأى كذلك عن نزعة المعتزلة فى إثبات كل شئ بالعقل، وعن حرفية المجسمة. وكان هذا مذهباً شهر "بلا

الصفحة 1105