كيف ولا تشبيه"، ورمى تنزيه المعتزلة ببلوغه مبلغ التعطيل مجرداً الصفات من كنهها أجمع، وعلى حين يميز الأشاعرة، من قِبلهم، الكنه الحق للصفات، منذ أن أخبرنا بها القرآن الكريم، غير أنهم يجزمون بأن هذا الكنه لا يمكن أن يعرض الوحدانية الإلهية الكاملة للظنون. وقد عارضه المعتزلة والفلاسفة فى آن واحد، واتبعوا الغزالى. ثم انتهوا بآخرة إلى هذه المقاربة. الصفات قائمة بذات الله، وليست هى الله، وليست شيئاً آخر غيره.
وهناك حل من هذا القبيل بسطه بعض الأشاعرة الذين ظلوا ملتزمين لنظرية الأحوال التى قال بها أبو هاشم المعتزلى، مثل الجوينى (القرن الخامس الهجرى = القرن الحادى عشر الميلادى) وقد خالفه فى هذه المسألة من يعرفون بأصحاب المدرسة الحديثة (القرنان السادس - السابع الهجرى = القرنان الثانى عشر والثالث عشر الميلادى) مدرسة فخر الدين الرازى، والجرجانى وغيرهما. و"الحال" قائمة بشئ موجود ولكنها ذاتها لا توصف وجوداً ولا عدماً، وعلى هذا النحو فهمت العلاقة الإلهية بين الذات والصفات.
وهذه المشكلة الكلامية العويصة وطأت لها أداة فلسفية مضت تجاهد لتحسين حالها والتقدم فى سبيلها، وإن كانت تصاب فى بعض الأحيان بالعثرات. ومن ثم فإننا مع مستهل النزعة الحنفية الماتريدية نجد فى كتاب الفقه الأكبر الثانى (ونصه من أيام الأشعرى) أن الله شئ. ومع أن هذا القول كان خليقاً بأن يكون موضع الاستهزاء من بعض المتكلمين المتأثرين بالفكر اليونانى، كما عرفه القدماء، فإن من الواضح أن القول المذكور يجب أن يفهم بمعنى الحقيقة الثابتة. فالله شئ لا كالأشياء ولكنه واجب الوجود (الفقه الأكبر الثانى، مادة؛ Muslim: Wensinck Creed كمبردج 1932، ص 190).
وقد آثر الماتريدية بصفة عامة ألا يفرقوا بين صفات الله وذاته وإنما قالوا: إن الله عالم وله علم قائم به بمعنى أنه باق ... إلخ وبذلك يؤكدون الأسماء القدسية (العالم، المريد، القدير، المتكلم).