كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 4)

الأفعال صفتى البقاء والبدء. والماتريدية بصفة عامة يعدونهما باقيتين.
وجميع هذه الصفات -إلا أربع- تقوم على العقليات. لقد أتى بها القرآن الكريم ولكن العقل البشرى يستطيع إثباتها. أما الصفات الأربع الأخرى، وهى الرؤية والكلام والسمع والبصر (ويدخل الإدراك فى ذلك أحياناً) فتقوم على السمعيات ولا نعلمها إلا من التنزيل.
(جـ) صفتان خلافيتان: الرؤية (صفة الرؤية) والكلام صفتان موضع جدل عنيف. ويفهم من رؤية الله أنها تكون بالأبصار. ويسلم أهل التقى من السلف بذلك تسليماً مطلقاً مفسرين إياها بالمعنى الذى ورد فى القرآن الكريم (سورة القيامة، الآيتان 22، 23) وفى عدة أحاديث. ولم يكن إنكار المعتزلة لها إنكاراً مطلقاً بأقل من تسليم هؤلاء السلفيين بها، ذلك أنهم يلجأون إلى التأويل (انظر ما يلى) فى تفسير النص القرآنى. ويقول الأشاعرة والماتريدية من الحنفية بالرؤية، ولكنهم يؤكدون أنها "بلاكيف". فكل امرئ سوف يرى الله بعينيه يوم الحساب. والمصطفون سوف يرونه رؤية خاطفة فى الجنة. ولكنهم لن يروه رؤية المرء لشئ يقوم فى حيز وله حدود. ومن المستحيل تخصيص طريقة هذه الرؤية (الإبانة، طبعة القاهرة، سنة 1348 هـ، ص 14؛ الفقه الأكبر الثانى، ص 17).
وصفة الكلام، وهى من الصفات السمعية، لها أهمية كبرى، إذ هى الوسيلة التى يتجلى الله بها لعباده. والمعتزلة يجعلون من الكلام صفة محدثة مخلوقة، لا لشئ إلا أنها تتجلى فى زمان (ومن ثم القول بأن القرآن الكريم مخلوق). فالقرآن الكريم كلام الله، ولكن كلام الله محدث. وقد ثبت الأشاعرة عند ذلك الموقف الذى أدى إلى سجن ابن حنبل وتعذيبه، فرأوا فى صفة الكلام أنها نفسية تقوم بذات الله نفسه. ومن ثم كانت نظرية القرآن غير مخلوق (انظر الإبانة ص 20 - 22) ولكن هذه المدرسة فرقت بينه وبين اللفظ به، أى بين الكتاب وتلاوته على

الصفحة 1108