كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 4)

أفواه الناس. وفى القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى) تفكر ابن تيمية فى هذا الأمر محييا مذهب السلف الصالح فوجد أن كلاً من المعتزلة والأشاعرة قد فاتتهم أشياء. فأكد ثانية أن ذاتية كلام الله الذى يعبر عنه تعالى هو قائم بذاته. (الفتاوى، القاهرة 1349 هـ، جـ 5، ص 265 - 267).
3 - الآيات المتشابهة
إن تعظيم النص القرآنى مقترناً بغيب الله الواحد الذى لا يدرك لم يلبث أن واجه الفكر الإسلامى بالمسألة العويصة الخاصة بالآيات المتشابهة التى تشبه الله فى الظاهر بالمخلوقين، ترى هل نسلم بها تسليماً أم أنه ينبغى لنا أن نؤولها؟
(أ) لقد أخذ القدامى من أهل الحديث هذه الآيات بظاهر اللفظ، على أنه من خطل القول، أن نرميهم بتهمة التجسيد فى غير تحديد. فقد قال الأشاعرة أنفسهم بصحة نظرة القدماء الذين انصرفوا عن كل تأويل ولجأوا إلى التوحيد أو التسليم لله. ولكن لا يعلم أحد المفهوم الذى أضفاه الله على هذه المصطلحات. وهذه النظرة نسبت خاصة إلى مالك بن أنس. وقد لا يكون من الواجب أن نضيف إلى ذلك أن نظرة من هذا القبيل قد أصبحت "تجسيدية" لمجرد أنها حاولت أن تقيم من هذه المسألة صورة ذهنية وتبررها تبريراً غير متسلسل. ولكنها لم تصبح كذلك
لأنها لم تدخلها فى صميم العقيدة.
(ب) ولكن مدارس المعتزلة من جانبها أرادت أن تبرر بالجدل فكرة المسلمين عن الله فى مواجهة "إله الفلاسفة" الذى ألهه اليونان، فأكدوا من ناحية وحدانية الله، وأكدوا من ناحيةٍ أخرى إيمانهم بالميزان العقلى، فأدى ذلك بالمعتزلة إلى التوسع فى التأويل. وكان ممثلهم فى التأويل هو الزمخشرى الذى اتخذ فى سبيل تحقيق أغراضه طريقة الطبرى اللغوية. وعلى ذلك أصبحت الآية {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23] هى فيما ذهب إليه الجبائى: "وجوه جميلة تصبو إلى ربها المنعم. ويمكن إنكار رؤية الله دون مخالفة القرآن. وقد رجع فى ذلك إلى

الصفحة 1109