كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 5)
سنته كل ما احتاجوا إليه في شئون دينهم ودنياهم، وهم يسمعون حكم الله في الكتب التي عند أهل الكتاب أنها محرفة لا يوثق بها، ويسمعون قول النَّبِيّ [- صلى الله عليه وسلم -]: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم" وهذا حديث صحيح رواه البُخَارِيّ من حديث أبي هريرة (انظر فتح الباري 8: 129 و 13: 282 و 430 طبعة بولاق)، ويقرءون حديث جابر ابن عبد الله: "أن عمر أتى النَّبِيّ [- صلى الله عليه وسلم -] بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه عليه فغضب وقال: لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به. والذي نفسي بيده لو أن موسى - عليه السلام - كان حيا ما وسعه إلَّا أن يتبعنى". رواه الإِمام أَحْمد وابن أبي شيبة والبزار، وإسناده صحيح (انظر الفتح 13: 281). وهذا المعنى متواتر عند المسلمين معلوم من الدين بالضرورة.
وكان المسلمين في تشريعهم وفقههم مستقلين تمام الاستقلال بكتابهم وسنة نبيهم [- صلى الله عليه وسلم -]، لم يتأثروا في شيء من ذلك بكتب النصارى ولا بقوانين الرومان، ولا بغيرها من آراء من سبقهم، يعرف ذلك من توسيع في دراسة الشريعة الإِسلامية وأصولها من الكتاب والسنة، وقد يخفى على من قصر دراسته ومعرفته على كتب الفروع الفقهية فيخدعه ما يرى فيها من شبه ببعض القواعد القانونية عند غير المسلمين.
وبعد هذا البيان الموجز لا أراني في حاجة إلى مناقشة الكاتب تفصيلا في المواضع التي زعم أن القرآن اتفق مع الأناجيل فيها أو خالفها، وأن للعهد الجديد أثرًا في الحديث، أو في كتب الصوفية أو غيرها، وقد دمرنا الأساس الذي بنيت عليه هذه الدعاوى الباطلة: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} سورة المائدة، الآية 15 و 16.
أَحْمد محمَّد شاكر
الصفحة 1289
10518