كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 5)

والنصارى في أوقات من السنة وأعياد لهم، ذهب أكثر الناس إلى أنها هي بئر هاروت وماروت".
ويشير البكرى إلى برج بابل، الذي يسميه "المَجَل" ويقول، مقتفيًا أثر كتاب أقدم منه إن هذا البرج (الذي يعرفه علماء الآثار المحدثون باسم زكورت) بناه النمروذ في بابل وأنه كان يرتفع نحو 500 ذراع شاهقا في السماء، وأن هذا البناء هو البرج الصحيح الذي ورد ذكره في القرآن، (سورة النحل، آية 26)، وفيما يلي النص القرآنى الكريم: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيثُ لَا يَشْعُرُونَ}.
ولقد ثار الكثير من الجدل بين الكتَّاب المسلمين حول تاريخ بابل وحقيقتها، على أن ياقوت الحموى يلخص مختلف الآراء والأساطير السائدة بينهم حول هذه المدينة. مثال ذلك أنه يقال إن نوحا كان أول من بني هذه المدينة وسكنها بعد الطوفان. ويقول الفرس في رواية يزدجرد بن مِهْماندار إن الملك الضحاك هو الذي شيد هذه المدينة، ويقول ابن الكلبي إن مساحة المدينة كانت 12 فرسخا في مثلها، وأن نهر الفرات كان يجرى تحت أسوارها إلى أن حول بختنصر مياهه إلى مجراها الحالى إلى حين احتياطا من انهيار محتمل تتعرض له أسوار المدينة، وأن بابل استمرت في الازدهار حتى دمرها الإسكندر الأكبر.
والمعلومات التي كانت بين أيدينا عن تاريخ بابيلون وحضارتها بعد سقوطها كانت شديدة الاضطراب بالغة التناقض، كما سبق أن بينًا. والواقع أنه لم تكن هناك مراجع محققة في هذا الموضوع سوى القصص الواردة في العهد القديم والأخبار التي رواها بعض المؤرخين الإغريق من العصر القديم، وقصص البطولة الشائعة في القرون الوسطى التي نقلها أناس ينقصهم الاطلاع. ولم تكتشف الحقائق الصحيحة عن هذه المدينة حتى وصول علماء الآثار إلى أطلالها في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، وقد ألقوا الضوء على عدد لا يحصى من البقايا والتحف من بينها ألواح مكتوبة بالخط المسمارى، ولما حلوا رموز هذه الكتابات تكشفت كل الحقائق بالفعل عن هذه المدينة

الصفحة 1521