كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 7)

ينسبوا إلى نوع من أنواع العلوم والأحوال التي هم بها مترسمون, لأن لبس الصوف كان دأب الأنبياء عليهم السلام والصديقين وشعار المساكين المتنسكين، وقيل في تسمية أصحاب عيسى - عليه السلام - بالحواريين، إنهم كانوا قَصَارين يغسلون الثياب، أي يحورونها، وهو التبييض. وقال قائلون: إن الصوفية نسبة إلى الصُّفَّة (¬1) التي ينسب إليها كثير من الصحابة، فيقال أهل الصفة، وأهل الصفة هم زهاد من مهاجرى الصحابة فقراء غرباء، كانوا سبعين ويقلون حينًا ويكثرون لا مسكن لهم ولا مال ولا ولد يسكنون صفة المسجد، وهو موضع مظلل في مسجد المدينة.
لكن النسبة إلى الصفة لا تجئ على الصوفى، بل على الصّفى.
وثم أقوال ضعيفة آخر، كالقول بأن الصوفى نسبة إلى الصف الأول, لأنهم في الصف الأول بقلوبهم من حيث المحاضرة والمناجاة وارتفاع الهمة مع الله تعالى والقرب منه، أو لأنهم كانوا أسرع الناس إلى الصف الأول في المساجد عند الصلاة.
وكالقول بأنهم منسوبون إلى صوفة القفا، أي ما يتدلى في نقرة القفا من شعر يرسلونه متلبدًا مشعثًا كالصوف. وفي الأساس "صوفة قفاه زغباته وقيل
¬__________
(¬1) وجاء في الرسالة أهل الصفة لابن تيمية: مجموعة الرسائل والمسائل جـ 1، ص 26 - 20).
"أما الصفة التي ينسب إليها أهل الصفة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكانت في مؤخر مسجد النبي -صلعم- في شمال المسجد بالمدينة النبوية كان يأوى إليها من فقراء المسلمين من ليس له أهل ولا مكان يأوى إليه.
ويكثر المهاجرون إلى المدينة من الأغنياء والفقراء والأهلين والعزاب فكان من لم يتيسر له مكان يأوى إليه يأوى إلى تلك الصفة التي في المسجد، ولم يكن جميع أهل الصفة يجتمعون في وقت واحد بل منهم من يتأهل أو ينتقل إلى مكان آخر يتيسر له ويجئ ناس بعد ناس وكانوا تارة يكثرون وتارة يقلون. فتارة يكونون عشرة أو أقل وتارة يكونون عشرين وثلاثين وأكثر وتارة يكونون ستين وسبعين.
وأما جملة من أوى إلى الصفة من الصحابة مع تفرقهم فقد قيل كانوا نحو أربعمانة من الصحابة وقد قيل كانوا أكثر من ذلك".
"وكان فقراء المسلمين من أهل الصفة وغيرهم يكتسبون عند إمكان الاكتساب الذي لا يصدهم عما هو أوجب وأحب إلى الله من الكسب. وأما إذا أحصروا في سبيل الله عن الكسب فكانوا يقدمون ما هو أقرب إلى الله ورسوله.
وكان أهل الصفة ضيف الإسلام يبعث إليهم النبي -[صلى الله عليه وسلم]- بما يكون عنده وأن الغالب كان عليهم الحاجة لا يقوم ما يقدرون عليه من الكسب بما يحتاجون إليه من الرزق".

الصفحة 2231