كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 8)

كالذكر, لأن هذه أنثى وهذا ذكر وليس هذا من الفضل في شيء البتة، وكذلك الحمرة غير الخضرة، والخضرة ليست كالحمرة، وليس هذا من باب الفضل. فإن اعترض معترض بقول الله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيهِنَّ دَرَجَةٌ} قيل له إنما هذا في حقوق الأزواج على الزوجات، ومن أراد حمل هذه الآية على ظاهرها يلزمه أن يكون كل يهودى وكل مجوسى وكل فاسق من الرجال أفضل من أم مرسى وأم عيسى وأم إسحاق عليهم السلام ومن نساء النبي صلى الله عليه وسلم بناته، وهذا كفر ممن قاله بإجماع الأمة.
وكذلك قوله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيرُ مُبِينٍ} إنما ذلك في تقصيرهن في الأغلب عن المحاجة لقلة دربهن، وليس في هذا ما يحط من الفضل عن ذوات الفضل منهن .. فإن شغب مشغب بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أسلب للب الرجل الحازم من إحداكن" قلنا له وبالله التوفيق: إن حملت هذا الحديث على ظاهره فيلزمك أن تقول إنك أتم عقلا ودينا من مريم وأم موسى وأم إسحاق ومن عائشة وفاطمة. فإن تمادى على هذا سقط الكلام معه ولم يبعد عن الكفر، وإن قال: لا، سقط اعتراضه واعترف بأن من الرجال من هو أنقص دينا وعقلا من كثير من النساء، فإن سأل عن معنى هذا الحديث، قيل له قد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه ذلك النقص، وهو كون شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل، وكونها إذا حاضت لا تصلى ولا تصوم وليس هذا بموجب نقصان الفضل ولا نقصان الدين أو العقل في غير هذين الوجهين فقط؛ إذ بالضرورة ندرى أن في النساء من هن أفضل من كثير من الرجال وأتم دينا وعقلا في غير الوجوه التي ذكرها النبي [- صلى الله عليه وسلم -] وهو - عليه السلام - لا يقول إلا حقا، فصح يقينا أنه إنما عبر عليه السلام ما قد بينه في الحديث نفسه من الشهادة والحيض فقط، وليس ذلك مما ينقص الفضل، فقد علمنا أن أبا بكر

الصفحة 2258