كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

حاضرة هي قلعة بنى حمَّاد بين مسيلة وبرج أبي عُرَيريج، وأصبحت من أزهر مدن إفريقية. وقُدَّر على خلفائه أن يكابدوا حروبًا مستمرة مع بنى زيرى وعرب الهلالية والمرابطين. وكان لبعض أمراء بنى حماد شأن كبير، مثل الناصر الذي نقل قصبته من القلعة إلى بجاية، وعقد صلات الود بالبابا غريغورى السابع ومدن الساحل الإيطالى، ومثل ولده المنصور (481 - 498 هـ = 1088 - 1105 م) الذي وفق إلى رد المرابطين إلى المغرب، وكانوا قد تقدموا إلى جوار مدينة الجزائر وهكذا كانت بلاد الجزائر في مستهل القرن الحادي عشر الميلادي مقسمة كلها بين أمراء البربر، وذلك حين اشتجر الخلاف بين سلاطين بنى زيرى وخلفاء الفاطميين في القاهرة، فأدى ذلك إلى الغزوة الهلالية وبعد أن اكتسح الجند العرب إفريقية توغلوا في بلاد المغرب. وانتشر الغزاة في الهضبة والسهول الداخلية تاركين الجبال ومدن الحكم التي عجزوا عن انتزاعها من يد البربر. وكانوا يتقدمون ومعهم ماشيتهم، فأتوا على الزرع واستبدلوا بالبداوة حياة الاستقرار. وبلغ الأثْبَج الزاب الشرقي وأكناف الأوراس. واندفعوا حتَّى بلغوا جبل عمور. وتقدم الغرْبَى إلى الزاب الغربيّ والحضنة، والمعقل في فيافى ناحية الجزائر، ومهما يكن من شيء فقد اعتصم البربر بالجبال (القبائل وأوراس) وبالواحات وبالصحراء (مزاب، ووادي ريغ وسوف) وفيها استطاعوا الاحتفاظ بلغتهم وسننهم إلى يومنا هذا. أما في الفيافى والسهول فقد امتزج العرب بالبربر فنشأ من امتزاجهم جماعات جديدة.
وعند نهاية القرن الثَّاني عشر انتهت الغزوة الهلالية ذاتها وإن بدا أثرها في هجرات السكان حتَّى القرن الرابع عشر. وغيّرت هذه الغزوة شعوب الجزائر تغييرًا عظيمًا، حتَّى أن الغزوة الهلالية يمكن أن تعد أهم حادثة في ياريخ الجزائر، وإن كُنَّا مع الأسف لا نعلم بعدُ تفاصيلها معرفة واسعة، ولم يُغرَف الهلالية بالإبداع، فما كان منهم إلا أن زادوا البلاد اضطرابًا بما قاموا به من مساعدة الأمراء الذين تنازعوا الحكم فيها، وبخاصة بنى زيرى وبنى

الصفحة 2824