كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

حماد. وقد خلفت الفوضى المستعصية المغرب الأوسط لقمة سائغة للغزاة الجدد الوافدين من الغرب. فإن المرابطين عبروا الملوية بعد أن أخضعوا مراكش بأسرها. وفتح يوسف بن تاشفين آكادير (وهي تلمسان القديمة) وخط مدينة تَغْرارْت (وهي مدينة تلمسان الحالية)، وبسط حكمه أمدًا قصيرًا على الإقليم بأسره حتَّى مدينة الجزائر، ولكنه عجز من أن يمكن لنفسه فيه، وكان الموحدون أكثر منه توفيقًا، فقد استولى عبد المؤمن على مدينة الجزائر وبجاية دون قتال (547 هـ = 1152 م) وخرب قلعة بنى حماد بعد أن فرق شمل أهلها، وأرغم الهلالية على الفرار بعد وقعة دامت أربعة أيَّام بالقرب من سطيف؛ واستعاد الموانئ التي كان قد احَتلها نصارى صقلية مستغلين الفوضى التي كانت تسود البلاد آنذاك. وأصبح بعد غزو إفريقية يحكم بلاد البربر جميعًا من المحيط الأطلسي إلى خليج قابس وتعكر صفو السَّلام في عهد خلفائه بفعال بنى غانيَة بالتحالف معهم، ونجح أكبرهم على في غزو كل المنطقة الممتدة بين بجاية ومليانة (580 - 583 هـ = 1184 - 1186 م)، ولما مات استمر أخوه يَحْيَى في حروبه حتَّى عام 633 هـ (1236 م) تظاهره العصابات الهلالية: وكان على هذا رجلًا مقدامًا لا تفتر له عزيمة، ينتصر مرَّة وينهزم أخرى ولا ييأس أبدًا، فقد عبر المغرب في كل اتجاه من الساحل إلى الصحراء واستولى على الجزائر وبجاية، بل أخذ بسْكَرَة ونهبها، وفي خلال هذا العهد تفككت أوصال الموحدين، وجهر عامل إفريقية أبو زكريا بن حفص الموحدى باستقلاله في تونس (634 هـ = 1236 - 1237 م) فأسس بذلك الدولة الحفصية. وكان الهلالية قد طردوا بربر بنى عبد الواد من الصحراء إلى الشمال، فوطدوا أقدامهم في تلمسان حيث اغتصب الحكم أميرهم يَغْمراسَن بن زياد. ثم انتقل الحكم من بعده إلى أولاده بنى زَيّان، واستولى بنو مرين آخر الأمر على وادي ملوية ومنه غرّبوا حتَّى قضوا على حكم الموحدين في فاس عام

الصفحة 2825