كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

الجزية، وحدث مثل ذلك لمملكة تلمسان التي بسطوا عليها سلطانهم الفعلى. وجاء الترك فوقفوا في وجه النصارى وأنقذوا الإسلام في إفريقية، وأسسوا بقوة السلاح دولة إسلامية تشمل المغرب الأوسط بأسره على أنقاض الدويلات البربرية بعد أن قوضت أركانها الفوضى التي دامت أمدًا طويلًا. وكان مؤسسا هذه الدولة هما عَروج وخير الدين. وقد وضع عروج أساس السلطان التركى بفتح مدينة الجزائر (1516 م)، ولكن سرعان ما انتهت حياته المظفرة في غير أوانها. أما خير الدين فكان أكثر منه توفيقًا، فقد أعلن ولاء الدويلات التي يحكمها للباب العالى العثمانى، وقبل منه لقبى الباشوية والبكلربكية، فحصل بذلك على التأييد الأدبى والعون المالى الكفيلين بتحقيق أغراضه، وفي المدة بين 1518، 1536 سوّد نفسه على أغلب مدن الساحل والتل (مثل بونة، والقالة، وشرشال، وقسنطينة)، وأجبر جانبًا من بلاد القبائل على أداء الجزية له" واستولى علي بنيون ودمرها (1529) فاستقر له الأمر في الجزائر نهائيًا. وأتم عمله البكلربكية الذين جاءوا بعده ومن قام مقامهم، فقد صدوا هجمات الأسبان الذين حاولوا شن حروب جديدة (ومنها هزيمة شارل الخامس أمام مدينة الجزائر عام 1541 م)، واستولوا عنوة على جميع المواضع التي كانوا يحتلونها ما عدا وهران. وقد ظلت هذه المدينة في حوزة الأسبان إلى 1707 م؛ واستعادوها عام 1732 ولكنهم تركوها نهائيًا في أيدى المسلمين عام 1792. وغزا خلفاء خير الدين في الغرب مملكة تلمسان وانتصروا في حروبهم مع الأشراف السعديين الذين كانوا يتنازعونهم هذا الإقليم. بل إن صلاح رئيس احتل مدينة فاس (سنة 1553)، ونصّب مرَّة أخرى على العرش أميرًا من بنى مرين، وقام حسين باشا ومن بعده علج على بغارات موفقة حتى نفذا إلى أرباض المحاضرة المراكشية. أما في الشرق فقد بسط الترك سلطانهم على ولاية قسنطينة بأسرها، وبلغت إمارة الجزائر في نهاية القرن السادس عشر الحدود التي احتفظت بها إلى عام 1830 م،

الصفحة 2827