كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

ومع هذا فقد كانت الحدود الغربية مسرحًا للمنازعات العنيفة بين الترك والمراكشيين، وعجز مولاى إسماعيل مرتين 1691 و 1703 م عن أن ينتزع إقليم تلمسان من الترك وعمد خلفاؤه إلى الخديعة والدهاء ليوهنوا من قوة خصومهم. وشجعوا المرابطين وجماعات الإخوان المناهضة للترك كالدرقاوة، والتجانية، وأعانوهم بالمال، فكان لدسائسهم يد في الثورة التي عكرت صفو بلاد الجزائر الغربية في نهاية القرن الثامن عشر ومستهل القرن التاسع عشر. وأفاد الجزائريون من اقتتال الحسينية فيما بينهم فغزوا تونس عام 1756 ونهبوا المدينة وأرغموا باياتها على أداء جزية سنوية. وشبت حروب جديدة بين الإمارتين في صدر القرن التالي، ولم تنته إلَّا عام 1821 م، ولم يستطع الترك قط بسط سلطانهم الفعلى على سائر المنطقة بين البحر والصحراء وتونس ومراكش. ويقول رن Rinn إن المنطقة التي كانت تحت إدارتهم المباشرة لم تتجاوز مساحتها 29.000 ميل مربع؛ أي سدس الجزائر الفرنسية. أما سائر الإقليم فكانت تسكنه جماعات مستقلة أو تابعة للترك تبعية تتفاوت قوة وضعفًا. ونستطيع أن نذكر من القسم الأوَّل؛ أحلاف بلاد القبائل وأحلاف التراراس وغيرهم، وهي جمهوريات متحالفة؛ وقبائل البدو في الهضاب وفي الجنوب (الصحارى، وبنو الأغواط والشعانبة وغيرهم) وإمارات محاربة مرابطة مثل تيقَورت أو عين ماضى. وعجز الترك عن إخضاع هذه الجماعات أو إلزامها بطاعتهم، فلم يجدوا بدًا من تركهم يعيشون بجانبهم. ويتألف القسم الثَّاني من أحلاف قبلية احتفظت باستقلال قام أو يكاد؛ ولكن صلاتهم بالترك كانت تقوم على معاهدات من مصلحة الطرفين احترامها، وكان هذا حال أولاد سيدى شيخ والحَرّار والحَنَانشةَ، والعَمور وغيرهم. بيد أن السياسة التركية حرصت على أن تظل هذه القبائل مفرقة الكلمة، وبيوت الأشراف متنافرة، والصف متنازعين في الجمهوريات، وذلك منعا لكل اتحاد يكون خطرًا على حكام الإمارة. وقد عمل الترك على أن يكون لهم بين كل جماعة من هذه الجماعات أنصار

الصفحة 2828