كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

واستطاع القُلَغلى- وهم مولدون من رجال أتراك ونساء وطنيات- دون سواهم، أن يلقوا في قلوب الأتراك بعض الخوف في القرن السابع عشر. فأدى ذلك فيما بعد إلى حرمانهم من جميع المناصب الرفيعة. وكان الحكم وما يستتبعه من المزايا وقفًا على رجال الجيش من الترك (أوجاق) وقد أقامت هذه الجماعة التي تمكن خير الدين بفضلها من تدعيم سلطانه، أرستقراطية عسكرية صغيرة لم يتجاوز عدد أفرادها في وقت من الأوقات 15.000 رجل. وكان هؤلاء يجندون من سكان مدن آسية الصغرى، ومن الأوربيين الذين خرجوا على دينهم في القرنين السادس عشر أو السابع عشر على الأقل، وقد اجتذبهم إلى الجزائر شهوة المغامرة وما تجره من مغانم، وكان هؤلاء اليُلداش، بعد أن يسجلوا في ديوان الجند، يلحقون إما بالجيش البرى وأمَّا بالسفن؛ وتزاد أعطياتهم تدريجًا؛ ولا يعتمدون على غير ضباطهم. وكانوا يرتقون في جميع الرتب المتعاقبة بحسب أقدميتهم حتَّى يصل الواحد منهم إلى مرتبة الأغا، وقد يطمعون في أرفع المناصب المدنية، وكان الذين يؤلفون الجيش الحقيقي منهم يتناوبون الخدمة سنة في الثكنات (نوبه) التي في المدن أو أهم المراكز (الجزائر، بجاية، برج سيباو، قسنطينة، المدية، مليانة، مزونة، تلمسان) وسنة أخرى في صفوف الجيش لجباية الرسوم، ويقضون السنة التي تليها في عطلة، وكانوا مشاغبين، فلم يكونوا خطرًا على الأهلين فحسب بل على الحكومة أيضًا، فسعت إلى استمالتهم بالعطايا والمنح، وكانت فتن القصر التي أسالت الدماء في الجزائر مرارًا من صنع هؤلاء الجند، وحدّ نفوذ طائفة الرؤساء، أي رؤساء القرصان، من سلطان الإنكشارية في القرن السابع عشر، ومر نظام الحكم في بلاد الجزائر بتغيرات لها شأنها إبان القرون الثلاثة من الحكم التركى. وإن استمر في جوهره كما وضعه خير الدين. ويمكننا أن نميز في هذا المقام أربعة عهود مختلفة هي: عهد البكلربكية (1518 - 1587 م) وعهد الباشوات (1587 - 1695 م) وكانت مدة حكم الباشا تدوم ثلاث سنوات؛ وعهد الأغوات (1659 -

الصفحة 2830