كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

1671 م) ثم عهد الدعاة؛ أي الدايات (1671 - 1830 م)، وكان البكلربكية خير الدين وابنه حسن وعلج على وحسن فنزيانو، يحكمون باسم الباب العالى العثمانى، ويمارسون سلطتهم بأنفسهم حينًا وينيبون عنهم الولاة أو الخلفاء حينًا آخر. ويتصرفون في البلاد تصرَّف الملوك المستقلين وإن اعترفوا بسيادة السلطان الأعظم، وقد سماهم "هايدو" Haedo " ملوك الجزائر" ولهذه التَّسمية ما يبررها، وقد طمح كل منهم في أن ينشئ لنفسه مملكة تضم المغرب جميعًا، بل إنهم حاولوا الحد من سلطان الإنكشارية العظيم بالاعتماد على الفرق المجندة من القبائل (زَوَاوَة)، بيد أن مطامعهم أقلقت بال سلاطين الآستانة، فعقدوا عزمهم على استعمال الباشوات على إفريقية، وجعلوا مدة حكم الواحد منهم ثلاث سنين. وانصرف همَّ هؤلاء أولًا وقبل كل شيء إلى جمع ثروة طائلة، ولم يكن في ذلك ما يسئ إلى السلطان. واتسع نطاق القرصنة اتساعًا كبيرًا في هذا العهد، ونشبت حوالي منتصف القرن السابع عشر فتنة عسكرية وضعت أزمة الحكم في يد الأغوات أو قادة الإنكشارية. ولم يعد للباشوات إلَّا بعض المهام التشريفية. وفي عهد الأغوات اختل الأمن وعمت الفوضى، وأدى التناظر بين الإنكشارية والرؤساء إلى معارك دموية، واغتيل الأغوات جميعًا. ثم إن الرؤساء استطاعوا اغتصاب السلطان بعد فترة دامت اثنتى عشرة سنة، ونصبوا على البلاد "دايا". وانتخب القرصان كذلك خلفاءه -أي الداى- الثلاثة. أما الآخرون فقد انتخبهم الإنكشارية الذين استطاعوا آخر الأمر استعادة سلطانهم والمحافظة عليه، ويتميز هذا العهد باختفاء الباشوات وباضمحلال سلطان الجزائر، والحقُّ إن السيادة العثمانية لم تبد إلَّا في خلع قفطان الشرف على الدايات الجدد وتسليمهم كتاب الولاية. على أن ارتياد أساطيل الدول الأوربية العظمى البحر ومظاهراتها قد أضعفت من شأن القرصنة، فلم تعد تفى بحاجة بيت المال، مع أنها كانت من قبل مصدر ثراء أهل الجزائر. فاضطر الدايات إلى نهب الأهلين، مع ما قد يجره ذلك عليهم من

الصفحة 2831