كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

كما كان عليهم جباية الضرائب بمعاونة قبائل المخزن. وكانوا يبعثون خلفاءهم كل عام في الرَّبيع والخريف حاملين إلى الجزائر ما جمعوه من الضرائب، وكان من واجبهم أن يشخصوا إلى العاصمة كل ثلاث سنين لتسليم العوايد التي كانت تعرف بـ "دنّوش" وكانت هذه الرحلات لا تخلو من خطر على حياتهم، لأنَّ الداى كان ينتهز فرصة شخوصهم إليه فيجبرهم على رد ما سلبوه أو يتخلص منهم إذا اشتبه فيهم، ولا شك أنَّهم قد يغرون بالاستقلال بالحكم لأنَّه كان تحت إمرتهم جيش وكان سلطانهم لا رقيب عليه، وقد تصرَّف بعضهم مثل محمَّد الكبير صاحب وهران وغيره تصرَّف الملك المستقل. وكان بكوات قسنطينة مصدر قلق عظيم للحكومة الجزائرية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وظلت القرصنة أهم مورد للجزائر ثلاثة قرون، وإن ظلت جباية الضرائب هي الشغل الشاغل لعمال البكوية. وكانت القرصنة في الأصل ضربًا من الجهاد ثم أصبحت عند نهاية القرن السادس عشر عملًا مربحًا أثرى منه الحكومة والأهلون جميعًا. ودفع بعض الأفراد وموظفى الحكومة المال لتجهيز السفن، وفرضت الدولة ضريبة معينة على الأسرى والأسلاب وما تبقى بعد ذلك كان يقسم بين أصحاب السفن وبحارتها. وقد أدى وجود هؤلاء الأسرى، وخاصة من كان منهم ينتمى لأسر غنية، إلى قيام تجارة رابحة. فقد كانوا يباعون ويشترون، وكان من يمتلكونهم يفاوضون في فدائهم، فكانوا في بعض الأحيان يفاوضون الأسرى أنفسهم وفي بعضها الآخر يفاوضون من ينوب عن أسرهم أو أعضاء الجماعات الدينية المختلفة (الثالوثيون، والمرتزقة، واللازرية) الذين وقفوا أنفسهم على هذا العمل الديني، وكان الأسرى أثناء هذه المساومات يعيشون إما في دور أسيادهم وإما في أماكن أعدت لهم خاصة تعرف بسجون الرقيق Bagnios . وبلغت القرصنة شأوها في النصف الأول من القرن السابع عشر، وفيه تعرضت سواحل أسيانيا ويروفانس وإيطاليا نفسها لغارات قراصنة البربر، وبقيت لها

الصفحة 2833