كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

قوتها حتَّى النصف الثاني من ذلك القرن، على الرغم من المظاهرات البحرية التي قام بها الإنكليز والفرنسيون (كالمظاهرة التي قام بها بلاك عام 1659 م؛ وحملة بوفورت على جيجل سنة 1664، وضرب دكوسن مدينة الجزائر بالقنابل عام 1682 و 1683، وضرب دستريه إيَّاها عام 1688). ثم اضمحل شأنها في القرن الثامن عشرء بعد أن أنزلت الدولتان البحريتان الكبيرتان إنكلترة وفرنسا الرعب في قلوب القرصان. أما الدول الأصغر منهما شأنًا (كالسويد، والدانمرك، وهولندا، ونابولي وغيرها) فقد قنعت بآداء جزية سنوية نقدًا أو عينًا، في مقابل ضمان القرصان لسلامة رعاياها، وهو ضمان لم يكن قط بالضمان القوى وإن اختلف ضعفه في مختلف الأوقات. وحولت حروب نايليون الأنظار عن البحر الأبيض المتوسط إلى حين، فانتهز القراصنة هذه الفرصة وانتعشت تجارتهم من جديد، ولما خبت نار الحرب أصغى رجال السياسة لدعاة السَّلام أمثال سدنى سميث وشاتوبريان، فأخذوا يفكرون في الوسائل المؤدية إلى القضاء على هذه الحال، بيد أن أهل الجزائر أبوا أن يخضعوا لقرارات مؤتمر إكس لا شابل. ولم يفد ضرب اللورد إكسموث مدينة الجزائر في إرغامهم على التخلى عن هذه التجارة. وبقيت القرصنة ما بقيت السيادة التركية على تلك البلاد، أي إلى عام 1830.
وكان فتح الجزائر والقضاء على الدولة التركية من عمل فرنسا. ذلك أن حكومة شارل العاشر قررت أن ترفع الحصار البحرى الذي ضربته على البلاد، ودام ثلاثة أعوام، وأن تنزل العقاب بالداى حسين للإهانة التي لحقت بالقنصل ديفال عام 1827 حين وجدت أن المفاوضة معه عديمة الجدوى، ولذلك قرر الوزير بولنياك إرسال حملة على الجزائر، وضرب باعتراض إنكلترة على ذلك عرض الحائط، وسلمَ الداى في الخامس من شهر يوليه، واحتل الفرنسيون المدينة على الفور، وأجبر حسين والإنكشارية على الرحيل من البلاد. وصمم بولنياك

الصفحة 2834